للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، ونحن [نسألك] (١) أن تسأله أن يتناول شيئا مما يحفظ به قوته، فقال: نعم إذا صليت به غداة الفجر سألته. قال: فلما كان في تلك الليلة، رأى الشيخ يحيى في المنام رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) يقول له: يا يحيي بشر نور الدين محمود برحيل الفرنج عن دمياط، قال: فقلت: يا رسول الله ربما لا يصدقني، وأريد له أمارة، قال: قل له بعلامة يوم حارم، قال: فانتبه يحيي وهو ذاهب العقل، فلما صلى نور الدين خلفة الفجر وسلم، شرع [يدعو، ففاته] (٢) أن يتحدث معه، فقال له نور الدين: يا يحيى، قال: لبيك يا مولانا، قال: تحدثني أو أحدثك، قال: فارتعد يحيى وخرس، فقال له: أنا أحدثك؛ رأيت النبي (- صلى الله عليه وسلم -) في هذه الليلة، وقال لك: كذا وكذا، فقال: نعم يا مولانا، فقال: يا مولانا ما معنى قوله عليه السلام: بعلامة يوم حارم؟ فقال له نور الدين: لما التقى الصفان يوم حارم، خفت على الإسلام؛ لأني رأيت من كثرة الفرنج ما هالني، فانفردت عن العسكر، ونزلت فمرغت وجهي على التراب، وقلت: يا سيدى مَنْ محمود في الدين؟ الدين دينك، والجند جندك، وهذا اليوم هو، فافعل ما يليق بكرمك. قال: فنصرنا الله عليهم (٣).

السابع: فيما فعله من الخيرات وما بناه من بيوت العبادات وغيرها (٤):

وكان نور الدين (رحمه الله) بنى المدائن، وأوقف الأوقاف، وبني سور دمشق والمساجد والمدارس، ووقف أوقافا على المرضى والمجانين، وبني المكاتب لليتامى، وبنى المارستان (٥) في دمشق.


(١) "نسأله" في نسختي أ، ب. والمثبت من مرآة الزمان ج ٨، ص ٢٠٠، حيث ينقل عنه العيني، ويتمشى مع السياق.
(٢) ما بين الحاصرتين إضافة يحتاجها النص من المرآة، ج ٨، ص ٢٠٠.
(٣) إلى هنا ينتهي النص المنقول بتصرف من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٠٠.
(٤) عن تفاصيل هذه المنجزات انظر: الباهر، ص ١٧٠ - ١٧٢؛ مراة الزمان، ج ٨ ص ١٩٢؛ البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٩٨.
(٥) المارستان: مستشفى لمعالجة المرضى وإقامتهم، وهو لفظ فارسي مركب من "بيمار" أي مريض و "ستان" أي محل. ويقال بيمرستان وبيمارستان. وأول من بنى المارستان في الإسلام ودار المرضى الوليد بن عبد الملك. وكان بدمشق ثلاث مستشفيات أو بيمارستانات الأول أنشأه نور الدين محمود بن زنكي، كما أنشأ غيره في البلاد. وكان بيمارستان دمشق أعظمها وأكثرها خرجا ودخلا. انظر: خطط الشام، ج ٦، ص ١٦١ - ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>