للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما توجه السلطان صلاح الدين إلى الشام فقد كان في هذه السنة فخرج إلى البركة في مستهل صفر، وأقام حتى اجتمع العسكر، ثم رحل إلى بلبيس في ثالث عشر ربيع الأول، وكان عنده رسل شمس الدين صاحب بصرى، صديق ابن جاولي، وشمس الدين بن المقدم (١)، ثم سار إلى أيلة، ثم أناخَ على بصرى (٢)، فاستقبله صاحب بُصرَي، ولم يزل في خدمته إلى الكسوة (٣)، وبكر صلاح الدين يوم الاثنين آخر شهر ربيع الأول، وسار في عسكره حتى دخل دمشق، ودخل إلى دار العقيقي (٤) وكانت مسكن أبيه، وكان في قلعة دمشق جمال الدين ريحان الخادم، فاستماله صلاح الدين حتى ملك القلعة أيضًا، ونزل في القلعة سيف الإسلام أخو السلطان صلاح الدين، وأظهر السلطان لأهل دمشق أنه إنما جاء لتربية الملك الصالح بن نور الدين، وحفظ مالهُ من المصالح، وجاء إليه أعيان البلد، منهم: القاضي كمال الدين بن الشهرزوري، فأكرمه السُلطان، وبالغ في إكرامه، والأمراء والأجناد والأتراك والأكراد والعربان، ثم أرسل السلطان الكتب الفاضلية إلى مصر بهذا الفتح والنصر. وفي بعض كتبه: "وكان رحيلنا من بُصري يوم الأربعاء الرابع والعشرين من ربيع الأول، ومن ثم (٥) لقينا الأجل ناصر الدين بن المولى أسد الدين [شيركوه] (٦)، والأمير سعد الدين بن أُنر يوم السبت السابع والعشرين منه، ونزلنا يوم الأحد بجسر الخشب، واستقبلنا هناك الأجناد الدمشقية، ولما دخلنا دمشق أمرنا بالنداء بإطابة النفوس، وإزالة المكوس".


(١) شمس الدين بن المقدم: هو محمد بن عبد الملك من أعيان أمراء الدولتين، وهو الذي سلم سنجار إلى نور الدين، ثم تملك بعلبك وعصى على صلاح الدين مدة، ثم صالحه وناب له بدمشق. توفي سنة ٥٣٨ هـ/ ١١٨٧ م. انظر: شذرات الذهب، ج ٤، ص ٢٧٦.
(٢) بصري موضع بالشام من أعمال دمشق. معجم البلدان، ج ١، ص ٦٥٤.
(٣) الكسوة: قريه قريبة من دمشق، وهي أول منزل تنزله القوافل الخارجة من دمشق إلى مصر، معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٧٥.
(٤) دار العقيقى: هي دار أبي أيوب والد صلاح الدين، وهي ظاهر دمشق إلى داخل بابي الفرج والفراديس في دمشق. أما العقيقى؛ فهو أحمد بن الحسين بن أحمد بن على العقيقى صاحب الحمام بباب البريد. انظر: الدارس في تاريخ المدارس، ج ١، ص ٣٤٩.
(٥) "وفيه" في نسخة ب.
(٦) ما بين الحاصرتين إضافة من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>