للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تاريخ بيبرس: وفي هذه السنة خرج الملك الناصر صلاح الدين إلى دمشق، واستناب عنه الملك العادل أخاه بالديار المصرية، وكان السبب في ذلك أن الملك الصالح بن نور الدين كتب إلى ابن عمه سيف الدين غازي بن مودود (١)، صاحب الموصل، وإلى أخيه عماد الدين زنكي، صاحب سنجار، بأن يحضرا إليه بعساكرهما؛ ليجتمعوا جميعا على قصد صلاح الدين وأخذ الديار المصرية منه، فأما أخوه عماد الدين زنكي فإنه امتنع منه؛ لأن صلاح الدين كان قد كاتبه وأطمعه في ملك والده، بحكم أنه الكبير، فحمله الطمع على الامتناع على أخيه، فلما رأى أخوه امتناعه، سار إليه إلى سنجار، وحاصره بها، وامتنع عماد الدين، وجَدَّ في حفظ البلد، والذب عنها، فدام الحصار عليها (٢).

فبينا يحاصرها أتاه الخبر بانهزام عسكره الذي مع أخيه عز الدين مسعود (٣) من صلاح الدين؛ لأنه كان عند مسيره إلى سنجار قد رتبه مع عسكر بدمشق، وصحبته أمير كبير يسمى عز الدين محمود، فلما وصل صلاح الدين إلى دمشق أخذها، وانهزم العسكر الذي بها. فراسل الملك الصالح أخاه عماد الدين، وصالحه على ما بيده، ورحل إلى الموصل، إلى سيف الدين ابن عمه؛ ليستنجده على صلاح الدين، فسار بنفسه، وسار صلاح الدين من دمشق إلى حمص، واستخلف عليها أخاه سيف الإسلام طُغتكين (٤)، وقاتل أهل حمص يوما واحدا، فملكها، وامتنعت القلعة عليه. فسار عنها إلى حماة، وبها عزُ الدين جُورديك (٥)، وهو من مماليك نور الدين، فامتنع من التسليم. فسَيَّر إليه صلاح الدين يذكر أنه في طاعة الملك الصالح، وأنه ما خرج إلا لحفظ البلاد


(١) انظر: ترجمته في وفيات الأعيان، ج ٤، ص ٤ - ٥.
(٢) "عليه" في نسخة ب.
(٣) عز الدين مسعود: هو مسعود بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي الأتابك صاحب الموصل، توفي سنة ٥٨٩ هـ/ ١١٩٣ م. انظر: وفيات الأعيان، ج ٥، ص ٢٠٣ - ٢٠٩؛ التاريخ الباهر، ص ١٨٥ - ١٨٩.
(٤) سيف الإسلام طغتكين: هو طغتكين بن أيوب بن شادي بن مروان المنعوت بالملك العزيز ظهير الدين صاحب اليمن، توفي سنة ٥٩٣ هـ/ ١١٩٧ م. انظر: وفيات الأعيان، ج ٥، ص ٥٢٣ - ٥٢٤.
(٥) عز الدين جورديك: كان من مماليك نور الدين، لهذا لقب بالنوري، وكان واحدًا من القواد الذين رافقوا أسد الدين شيركوه أثناء حملته على مصر، كما شارك صلاح الدين في القبض على شاور والقضاء عليه. انظر: وفيات الأعيان، ج ٢، ص ٤٤٠ - ٤٤١، ص ٤٤٨؛ النوادر السلطانية، ص ٦١، حاشية ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>