للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوال دولته، ثم طرده بغير جواب، فعاد إلى حلب. واستناب صلاح الدين بدمشق أخاه سيف الإسلام ظهير الدين طغتكين، وسار إلى حمص فأخذها، وفتح حماة، وسار إلى حلب، فاستعانوا (١) عليه بالإسماعيلية، وأعطوهم مالًا وضياعًا، فأرسلوا إليه جماعة من فُتَّاكهم، ورآهم ناصر الدين خمار تكين (٢) صاحب أبي قبيس (٣) ففرقهم؛ لأنه كان مثاغرًا (٤) لهم وأنكر عليهم مجيئهم، وسبق إلى خيمة صلاح الدين ليخبره، فأدركوه على باب الخيمة، ثم أرادوا الهجوم على صلاح الدين، وكان أمير جنداره (٥) سيف الدين طغرل هناك، فجذب سيفه، وقتل واحدا منهم، واجتمع الغلمان على الباقين فقتلوهم. ورحل صلاح الدين عن حلب في أول رجب، وجاء إلى حمص، ثم نازل بعلبك، فأخذها في رمضان من الخادم يُمن الريحاني، ووصل عسكر الموصل إلى حلب، وانضاف إليهم عسكر حلب، ونزلوا [على] (٦) تل السلطان (٧)، فساق عليهم صلاح الدين، وبغتهم، وكان مقدمهم عز الدين مسعود، أخو سيف الدين غازي، فكسرهم كسرة عظيمة، وانهزموا إلى حلب، وغنم أثقالهم، وأسر أبطالهم (٨)، وجاء فحصر حلب، وهذه هي المرة الثانية من حصار حلب، والمرة الأولى من كسرة المواصلة. ورجع صلاح الدين، فنزل [حصن] (٩) بارين، وأخذه من ابن الزعفراني، وكان من أكابر أمراء نور الدين، ولقبه فخر الدين، واسمه مسعود، وأعطى مدينة حلب لخاله، وقيل لابن خاله وصهره ابن شهاب الدين محمود، وأعطى حمص لناصر الدين محمد ابن أسد الدين شيركوه (١٠).


(١) "فاستغاثوا" في المرآة، ج ٨، ص ٢٠٧.
(٢) انظر: ترجمته في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦١٣؛ سنا البرق الشامي، ص ٨٣ "ناصح الدين".
(٣) أبو قبيس: حصن مقابل شيزر. معجم البلدان، ج ١، ص ١٠٣.
(٤) "منازعًا" في مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٠٧.
(٥) أمير جنداره: هو الأمير الذي يستأذن على دخول الأمراء للخدمة السلطانية، ويدخل أمامه إلى الديوان. صبح الأعشي، ج ٤، ص ٢٠؛ العصر المماليكي، ص ٤٠٤.
(٦) ما بين الحاصرتين إضافة من نسخة ب.
(٧) تل السلطان: موضع بينه وبين حلب مرحلة نحو دمشق، وفيه خان ومنزل للقوافل، وهو المعروف بالفنيدق، كانت به وقعة بين صلاح الدين يوسف بن أيوب وسيف الدين غازي بن مودود بن زنكي صاحب الموصل سنة ٥٧١ هـ/ ١٧٥ م. معجم البلدان، ج ١، ص ٨٦٧.
(٨) "رجالهم" في المرآة، ج ٨، ص ٢٠٨.
(٩) ما بين الحاصرتين إضافة من المرآة، ج ٨، ص ٢٠٨؛ كما ورد ذكرها في تقويم البلدان، ص ٢٥٨ - ٢٥٩.
(١٠) هو: ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه، توفي سنة ٥٨١ هـ/ ١١٨٥ م. وفيات الأعيان، ج ٢، ص ٤٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>