للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن أبي طي (١): لما ملك شمس الدولة اليمن سمتْ نفس ابن أخيه تقي الدين إلى المُلك وجعل يرتاد مكانًا يحتوى عليه، فأُخبِرَ أن قلعة أزبري [هي] (٢) فم درب المغرب، وكانت خرابًا فأشير عليه بعمارتها، وقيل له متى عُمَّرَت وسكنها أجنادٌ أقوياء شجعان مُلِكَت برقة، وإذا مُلِكَت برقة مُلِكَت ما وراءها. فأنفذ مملوكهـ بهاء الدين قراقوش فقدَّمهُ على جماعة من أجناده ومماليكه، فصاروا إلى القلعة المذكورة وشرعوا في عمارتها.

واجتمع بقراقوش رجل من المغرب فحدثه عن بلاد الجريد وفزان (٣)، وذكر له كثرة خيرها، وغزارة أموالها، وضعف أهلها، ورغبه في الدخول إليها. فأخذ جماعة من أصحابه وسار في حادي عشر محرم [من] (٤) هذه السنة، فكان يكمن النهار ويسير [الليل] (٥) مدة خمسة أيام، وأشرف على مدينة أوْجَلة (٦) فلقيه مالكها وأكرمه واحترمه، وسأله المقام عنده ليعتضد به ويزوِّجه بنته ويحفظ البلاد من العرب، وله ثلث ارتفاعها. ففعل قراقوش ذلك فَحُصِّل له من ثلث الارتفاع ثلاثون ألف دينار، فأخذ عشرة آلاف لنفسه وفرق على رجاله عشرين ألفًا.

وكان إلى جنب أوجلة مدينة يقال لها [الأرزاقية] (٧)، فبلغ أهلها صنيع قراقوش في أوْجلة، وأنه حرس غلالهم، فصاروا إليه ووصفوا له بلدهم وكثرة خيره وطيب هوائه، ورغّبوه في المصير إليهم على أنهم يملّكونه عليهم. فأجاب إلى ذلك، واستخلف على أوجلة رجلا من أصحابه يقال له صباح ومعه تسعة [فوارس] (٨) من أصحابه، فحُصِّل لقراقوش أموال كثيرة.

واتّفق أن صاحب أوْجله مات، فقتل أهل أوجلة أصحاب قراقوش، فجاء قراقوش وحاصرها حتى افتتحها عنوة وقتل من أهلها سبعمائة رجل، وغنم أصحابه منها غنيمة عظيمة، واستولى على البلد.


(١) انظر: الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٥.
(٢) ما بين الحاصرتين إضافة لازمة لتوضيح النص من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٥.
(٣) فزان: ولاية واسعة بين الفيوم وطرابلس الغرب. معجم البلدان، ج ٣، ص ٨٩٠.
(٤) ما بين الحاصرتين إضافة من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٦.
(٥) "بالليل" كذا في نسختي أ، ب. والمثبت بين الحاصرتين من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٦.
(٦) أوجَلَة: جنوبي برقة نحو الغرب منها، وهذا اسم للناحية أما مدينتها فتسمى أرزاقية. معجم البلدان، ج ١، ص ٣٩٧.
(٧) "الأزرافية" في نسختى المخطوطة أ، ب والمثبت من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٦.
(٨) ما بين الحاصرتين إضافة من الروضتين لتوضيح النص، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>