للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن أصحابه [رغبوا] (١) في الرجوع إلى مصر وخشي قراقوش أن يقيم وحده فرجع معهم. فلما حصل بمصر طاب له المقام وثقل عليه العود، وزوجه تقي الدين بإحدى جواريه. وكان استناب بأوجلة وقال لأهلها أنا أمضى إلى مصر لتجديد رجال وأعود إليكم (٢).

ومنها ما قال ابن الأثير (٣): وفي ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين استوزر سيف الدين صاحب الموصل جلال الدين أبا الحسن علي بن جمال الدين الوزير، ومكّنه في ولايته، فظهرت منه كفاية لم يظُنِّها الناس، وبدا منه معرفة بقواعد الدول وأوضاع الدواوين، وتقرير الأمور والاطلاع على دقائق الحسابات، والعلم بصناعة الكتابة الحسابية والإنشاء حيرت العقول، ووضع في كتابة الإنشاء وضعًا لم يعرفوه.

وكان عمره حين ولي الوزارة خمسا وعشرين سنة، ثم قُبض عليه في شعبان سنة ثلاث وسبعين وشفع فيه كمال الدين بن [نيسان (٤)] وزير صاحب آمد وكان قد زوجه بنته، فأطلق وسار إليه. وبقي بآمد يسيرًا مريضًا، ثم فارقها، وتوفي بدُنَيسِر (٥) سنة أربع وسبعين، وحُمل إلى الموصل فدفن بها، ثم حُمل منها في موسم الحج إلى المدينة ودفن عند والده. وكان من أحسن الناس صورة ومعني، رحمه الله.

ومنها (٦) أنه قدم إلى دمشق الواعظ الكبير أبو الفتوح عبد السلام بن يوسف بن محمد بن مقلد التنوخي، الدمشقي الأصل البغدادي المنشأ، ذكره العماد في الخريدة، وقال: كان صاحبي (٧)، وجلس للوعظ فحضر عنده السلطان صلاح الدين، وأورد له مقطّعات من أشعاره، فمن ذلك ما كان يقول في مجلسه:


(١) "رغبوه" كذا في نسختى المخطوطة أ، ب. والمثبت بين الحاصرتين من الروضتين، ج ١ ق ٢. ص ٦٦٦.
(٢) إلى هنا توقف نص ابن أبي طي، في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٦.
(٣) نقل العينى هذا النص عن أبي شامة نقلًا عن ابن الأثير، انظر: الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٦ - ٦٦٨؛ راجع أيضًا: الباهر، ص ١٧٧.
(٤) "سنان" في نسختي المخطوطة أ، ب. والمثبت من الباهر، ص ١٧٧.
(٥) دُنَيسرُ: بلدة عظيمة مشهورة من نواحي الجزيرة قرب ماردين، ولها اسم آخر يقال لها قوچ حصار. انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ٦١٢.
(٦) انظر ترجمته في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٧ - ٦٦٨.
(٧) "صديقي" في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>