للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبنى القلعة على الجبل، وقطع الخندق، وحفر واديه. وهناك مساجد يعرف أحدها بمسجد سعد الدولة، فاشتملت القلعة عليها ودخلت في الجملة. وحفر في رأس الجبل بئرًا (١) ينزل فيها بالدرج المنحوتة من الجبل إلى الماء المعين.

وتوفي السلطان وقد بقي من السور مواضع، والعمارة [فيه] (٢) مستمرة، ووظائف نفقاتها مستدرّة.

ومن ذلك أن السلطان (رحمه الله) أمر ببناء المدرسة بالتربة المقدسة الشافعية (٣)، ورتب قواعدها، وتولاها الفقيه الزاهد نجم الدين الخبوشاني (٤)، وأمر أيضا باتخاذ دار في القصر بيمارستانا للمرضى، ووقف على المدرسة والبيمارستان وقوفًا كثيرة.

[ذكر خروج صلاح الدين إلى الإسكندرية]

ثم إن السلطان صلاح الدين خرج من القاهرة يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شعبان، واستصحب معه ولديه الأفضل عليًا والعزيز عثمان، وجعل طريقه على دمياط، فأقام بظاهرها يومين، ثم وصل إلى ثغر الإسكندرية.

قال العماد (٥): وترددنا مع السلطان إلى الشيخ الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السِّلَفي (٦)، وسمعنا عليه ثلاثة أيام، الخميس والجمعة، والسبت، رابع شهر رمضان. قال: وشاهدنا ما استجده السلطان من السور الدائر، وما انصرفنا حتى أمر بإتمام الثغور وتعمير الأسطول.


(١) هذه البئر من العجائب، حفرها قراقوش، تدور البقر من أعلاها، فتنقل الماء من نقالة في وسطها، وتدور أبقار في وسطها تنقل الماء من أسفلها. وجميعها حجر منحوت. ويُنزل إلى هذه البئر بدرج نحو ثلثمائة درجة. انظر: الخطط، ج ٢، ص ٢٠٤.
(٢) ما بين الحاصرتين إضافة لازمة للإيضاح من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٨٨.
(٣) هذه المدرسة بجوار قبة الإمام الشافعي بقرافة مصر. انظر: الخطط، ج ٢، ص ٤٠٠ - ٤٠١، ص ٤٤٤.
(٤) نجم الدين الخبوشاني: هو أبو البركات محمد بن الموفق بن سعيد بن عبد الله؛ شافعي المذهب، قدم مصر للمرة الأولى سنة ٥٦٥ هـ / ١١٧٠ م من خيوشان بناحية نيسابور. وتوفي سنة ٥٨٧ هـ/ ١١٩١ م. انظر: طبقات الشافعية، ج ٤، ص ١٩٠؛ وفيات الأعيان، ج ٣، ص ٢٧٤؛ الروضتين، ج ٢، ص ١٩٥ [ط. وادي النيل، ١٢٨٧ هـ]؛ معجم البلدان، ج ٢، ص ٤٠٠.
(٥) انظر قول العماد في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٨٩.
(٦) الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السِّلفي الأصبهاني، دخل ثغر الإسكندرية سنة ٥١١ هـ / ١١١٧ م وأقام بها، وقصده الناس من الأماكن البعيدة ولد سنة ٤٧٢ هـ/ ١٠٨٠ م بأصبهان، وتوفي سنة ٥٧٦ هـ / ١١٨٠ م بالإسكندرية. ونسبه سِلَفي إلى جده إبراهيم وسِلَفَة بكسر السين المهملة وفتح اللام والفاء وفي آخره الهاء، وهو لفظ أعجمي معناه بالعربي ثلاث شفاه؛ لأن شفته الواحدة كانت مشقوقة فصارت مثل شفتين غير الأخرى الأصلية. انظر: وفيات الأعيان، ج ١، ص ١٠٥ - ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>