للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن كثير (١): ولما توفي المستضيء أرادت زوجته الجهة بنفشا أن تكتم ذلك، فلم تُمكَّن منه، ووقعت فتنة كبيرة ببغداد، ونهبت العامة دورا كثيرة وأموالًا جزيلة، فلما كان يوم الجمعة الثاني والعشرين من شوال خطب لولي العهد أبي العباس أحمد بن المستضيء، وهو الخليفة الناصر لدين الله، وكان يوما مشهودا، نثر الذهب على الخطباء والمؤذنين ومن حضر ذلك عند ذكره على المنبر والتنويه باسمه.

وفي المرآة: (٢) وكانت بيعته يوم الاثنين ثاني ذي القعدة وله ثلاث أو اثنان وعشرون سنة، وتولى أخذ البيعة له ظهير الدين بن العطار (٣) صاحب المخزن على الرغم منه؛ لأنه كان يميل إلى أخيه الأمين أبي منصور، خائفا من أبي العباس، وحضر القضاة والأشراف وبنو هاشم وغيرهم، وأخوه أبو منصور، وضياءُ الدين بن الشهرزوري، رسول السلطان صلاح الدين، وبايعوه. وقبض في ذلك اليوم على سعد الشرابي، وكان المستضيء أراد أن يعهد إلى الأمير أبي منصور، فقالت له بنفشا: الله الله أن تعدل عن أبي العباس، فرأى لها ذلك، وبعث شيخ الشيوخ عبد الرحيم وصندل الخادم إلى صلاح الدين بالبيعة. وفي يوم الجمعة سابع ذي القعدة قبض على ظهير الدين بن العطار صاحب المخزن، وعلي مسعود النقيب.

وفي تاريخ المؤيد (٤): وكان قد حكم في دولة المستضيء ظهير الدين أبو بكر منصور ابن نصر المعروف بابن العطار بعد قتل عضد الدين الوزير، فلما مات المستضيء قام ظهير الدين بن العطار وأخذ البيعة لولده الإمام الناصر لدين الله. ولما استقرت البيعة للناصر حكم أستاذ الدار مجد الدين أبو الفضل، فقبض في سابع ذي القعدة على ظهير الدين بن العطار، ونُقل إلى التاج، وأُخرج ميتا على رأس حمال ليلة الأربعاء [ثاني عشر ذي القعدة] (٥)، فثارت به العامَّة وألقوه عن رأس الحمال، وشدُّوا في ذكره حبلا وسحبوه


(١) انظر: البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٢٥ - ٣٢٦.
(٢) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٢٥ - ص ٢٢٦.
(٣) هو: ظهير الدين أبو بكر منصور بن نصر -المعروف بابن العطار- المتوفي سنة ٥٧٥ هـ/ ١١٧٩ م. وسترد ترجمته بعد قليل.
(٤) انظر: المختصر في أخبار البشر، جـ ٣، ٦٢.
(٥) "الثاني والعشرين من ذي القعدة" في نسختي المخطوطة أ، ب، والمثبت بين الحاصرتين من المختصر في أخبار البشر، جـ ٣، ص ٦٢؛ أما ابن الأثير فيذكر أنها "ليلة الأربعاء ثامن عشر ذي القعدة". انظر: الكامل، جـ ١٠، ص ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>