للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخمسمائة، واستدل على ذلك بأشياء، فكتب في ورقة وأعطاها للفقيه عيسى الهكارى؛ ليبشر بها السلطان، فلم يتجاسر على ذلك؛ خوفاً من عدم المطابقة، فأعلم بذلك القاضى [محيى الدين بن الزكى] (١) فنظم معناها في قصيدة يقول فيها:

وفتحكم حلب الشهباء في صَفَرٍ … قضى لكم بافتتاح القُدس في رَجَب

وقدمها للسلطان فتشوقت همة السلطان إلى ذلك، فلما افتتحها كما سيأتى - إن شاء الله تعالى - أمر القاضى فخطب يومئذ وكان يوم الجمعة، ولما بلغه أن ابن جهبل هو الذى اطلع على ذلك أولاً، أمره أن يُدَرِّس فدَرَّس على الصخرة درساً عظيماً، وأجزل له العطاء وأحسن عليه الثناء (٢).

وفى تاريخ بيبرس: وفى هذه السنة سار صلاح الدين من تل خالد إلى حلب، واستدعى إليها العساكر من جميع الجهات، فاجتمع عليها خلق عظيم وتحقق عماد الدين أنه ليس له به قبل، فأشار إلى حسام الدين طمان أن يسفِّر له مع صلاح الدين في إعادة بلاده إليه وتسليم حلب منه، فرفع الحديث، وتقررت القاعدة. ولم يشعر أحد من [٥] العسكر ولا من الرعية حتى تم الأمر واستعاض، فاستعلم العسكر من عماد الدين فأعلمهم وأذن لهم في تدبير أنفسهم، فأرسلوا عنهم وعن الرعية عز الدين جرديك، وزين الدين بلك، فاستحلفوا صلاح الدين على العسكر وعلى أهل البلد، وخرجت العساكر إلى خدمته بالميدان الأخضر فخلع عليهم، ونقل عماد الدين أقمشته وآلاته من القلعة، ثم نزل إلى السلطان، وسير معه في الميدان وأنزله عنده في الخيمة، وقدم له تقدمة سنية وخيلاً، وخلع على جماعة من أصحابه، وسار يومه إلى سنجار. وطلع صلاح الدين القلعة وتسلمها في صفر من هذه السنة (٣). ومدحه السعيد بن سناء الملك بقصيدة أولها (٤):


(١) "فخر الدين بن الولى" في الأصل، والمثبت من البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٣٤ - ص ٣٣٥ حيث ينقل العينى عنه، ومحيى الدين بن الزكى: هو أبو المعالى محمد بن أبى الحسن على بن محمد بن يحيى القرشى الملقب بمحى الدين توفى سنة ٥٩٨ هـ بدمشق ودفن بسفح جبل قاسيون. ابن خلكان: وفيات الأعيان، جـ ٤، ص ٢٢٩ - ص ٢٣٦ ترجمة رقم ٥٩٤.
(٢) ورد هذا النص بتصرف في البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٣٥.
(٣) ورد هذا النص بتصرف في الكامل، جـ ١٠، ص ١٢١ - ص ١٢٢؛ زبدة الحلب، جـ ٣، ص ٦٩؛ النوادر السلطانية، ص ٥٩؛ الروضتين، جـ ٢ ق ١، ص ١٣٧ - ص ١٣٨.
(٤) السعيد بن سناء الملك، هو السعيد أبو القاسم هبة الله بن الرشيد جعفر بن سناء الملك توفى سنة ٦٠٨ هـ؛ العماد، الخريدة، قسم مصر، جـ ١، ص ٦٤ - ص ٩٩؛ وفيات الأعيان، جـ ٦، ص ٦١ ترجمة رقم ٧٧٧؛ الشذرات، جـ ٥، ص ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>