للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دمشق في هذا الوقت، حتى يستريحوا ثم يغدوا إليها بعد هذا الحين، فأجابهم على تمنع منه، وذلك أن السُور من الصور كان قد هدم أكثره، ولم يبق إلا الفرج والنجح، فتوجه إلى دمشق (١).

وفي المرآة (٢): وفي شعبان سار السلطان إلى صور فوصلها غرة رمضان فوجدها مدينة حصينة، وهي في البحر مثل السفينة، والبحر المحيط بها من جوانبها، وليس لها طريق في البر إلا من مكان واحد فيه سبعة أبراج، وبها المركيس وكان شجاعًا حازمًا، وقد انضم إليه جميع من كان بالقدس والساحل من الفرنج (٣).

وفي النوادر (٤): قدم الملك الظاهر غازي ابن السلطان صلاح الدين صاحب حلب على أبيه، وهو على صور، في الثامن عشر من شهر رمضان، وسرّ بوصوله إليه سرورًا عظيمًا، وكان قد تركه بحلب ليسدّ ذلك الجانب لاشتغاله هو بأمر الساحل، وكان السلطان خلّف أخاه العادل في القدس؛ لتقرير قواعده، فاستدعاه، فوصل إليه في خامس شوال. وسيرَ من حاصر هُونين (٥)، فسلمت بأمان في الثالث والعشرين من شوال، وكان السلطان قد قدم على الأصطول إنسانًا يقال له الفارس بدران، وكان ناهضًا جلدًا في البحر. وكان ريس البحريين يقال له: عبد المحسن، وكان قد أكد الوصية في أخذ الحذر منهم، فغفلوا عن أنفسهم في الليل، فخرج أصطول الكفار من صُور فكبسهم وأخذ المقدمين، وأخذوا منهم خمس قطع وقتلوا خلقًا كثيرًا من الأصطول الإسلامي، وذلك في السابع والعشرين من شوال، فلما علم السلطان ما تم على المسلمين ضاق صدره وأشار بالرحيل، ليأخذ العسكر جزءًا من الراحة ويستعدوا لهذا الأمر استعدادًا جديدًا، فرحل عنها بعد أن رمى المنجنيقات وسيرها وأحرق ما لا يمكن نقله، وكان رحيله يوم الأحد ثاني ذي القعدة، ففرق العساكر وأعطاهم دستورًا، وسار كل قوم إلى بلادهم، وأقام هو مع جماعة من خواصه بعكا حتى دخلت سنة أربع وثمانين وخمسمائة (٦)


(١) ورد هذا النص بتصرف في الفتح القسي، ص ١٥٣ - ص ١٥٩؛ الكامل، ج ١٠، ص ١٥٩ - ص ١٦٠.
(٢) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٥٦.
(٣) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٥٦؛ زبدة الحلب، ج ٣، ص ١٠٠؛ البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٤٩.
(٤) النوادر السلطانية، ص ٨٣.
(٥) في الأصل "هورين" والتصحيح من النوادر السلطانية، ص ٨٣؛ زبدة الحلب، ج ٣، ص ١٠١؛ الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٣٧٦، وهُونين: بلد في جبال عاملة تطل على نواحي مصر. معجم البلدان، ج ٤، ص ٩٩٦.
(٦) نقل العيني هذا النص بتصرف من النوادر السلطانية، ص ٨٣ - ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>