للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ فيما وقعَ من الحَوادِثِ في السنة الرابعة والثمانين بعد الخمسمائة (*)

استهلت هذه السنة، والخليفة هو الناصر لدين الله، والسلطان صلاح الدين مقيم على عكا.

[ذكر غزوات صلاح الدين وفتوحاته في هذه السنة]

وسار السلطان من عكا في المحرم، وحاصر حصن كوكب، فرآه منيعًا صعبًا، ووقته مشغول بغيره، فوكل به الأمير قايماز النجمي في خمسمائة فارس يُضيّقون عليه المسالك، وكذلك بصفد، وكانت الداوية خمسمائة فارس مع طغرل الجاندار (١)، يمنعون وصول الميرة والتقاوي. وبعث إلى الكرك والشوبك جيشًا آخر يُحاصِرونهما، ويضيقون على أهليهما ليتفرّغ من أموره لقتال هذه الأماكن (٢) وحصارها. وسار منها في ربيع الأول ودخل دمشق، ففرح الناس به، وكتب إلى ملوك الأطراف باجتماع العساكر، وأقام في دمشق خمسة أيام ثم خرج على ما نذكره، وفي المرآة (٣): وكان الذي أرسله صلاح الدين إلى الكرك والشوبك صهره، يُقال له [٥٥] كوحَبَا. وفي النوادر: ولما خرج السلطان من دمشق نزل على بُحيرَة قَدَس غربيّ حمص، وأتته العساكر بها، وأولهم عماد الدين زنكي ابن مودود بن زنكي صاحب سنجار ونصيبين. ولما تكامل عسكره رحل ونزل تحت حصن الأكراد، وشنّ الغارات على بلاد الإفرنج، وسار من حصن الأكراد، فنزل على أنطرسوس (٤) سادس جمادى الأولى، فوجد الفرنج قد أخلوا أنطرطوس، فسار إلى مرقب (٥)، فوجدهم قد أخلوها أيضًا، فسار إلى صَوْب جبَلة (٦) وأخذها في الثامن عشر من جمادى الأولى حال وصوله على ما نذكره (٧).


(*) يوافق أولها ٢ مارس ١١٨٨ م.
(١) الجاندار: كلمة فارسية مكونة من مقطعين "جان" بمعنى سلاح و"دار" معناه ممسك. انظر: السلوك، ج ١ ق ١، ص ١٦٢، حاشية ٣، الطبعة الثانية.
(٢) ورد هذا النص بتصرف في الكامل، ج ١٠، ص ١٦٦؛ البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٥١؛ الروضتين، ج ٢، ص ١٢٦.
(٣) هذا النص من السنتين الساقطتين في المرآة.
(٤) أنطرسوس: بلد من سواحل بحر الشام، وهي آخر أعمال دمشق من البلاد الساحلية وأول أعمال حمص. معجم البلدان، ج ١، ص ٣٨٨.
(٥) المرقب: قلعة حصينة تشرف على ساحل بحر الشام وعلى مدينة بلنياس، معجم البلدان، ج ٤، ص ٥٠٠.
(٦) جبلة: قلعة مشهورة بساحل الشام من أعمال حلب قرب اللاذقية. انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ٢٥.
(٧) ورد هذا النص بتصرف في البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>