للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكبر المصالح للعدو المخذول، فإنهم اغتنموا هذه الفترة، فحفروا جول مخيّمهم خندقا يجمعُ جيشهم من البحر إلى البحر محدقًا، واتخذوا من ترابه سورًا شاهقًا، وجعلوا له أبوابا يخرجون منها إذا أرادوا، وتمكن الأمر وقوى الخطب (١).

وقال صاحب النوادر (٢): مشاهدة عن أخبار هذه الوقعة العظيمة وملخصه أنه لما كان يوم الأربعاء الحادي والعشرين من شعبان تحركت عساكر الإفرنج، واصطفوا خارج خيامهم: قلبًا وميمنة وميسرةً، وفي القلب الملك وبين يديه الانجيل محمولا مستورًا بثوب أطلس مغطى، يمسكه (٣) أربعة أنفس أربعة أطرافه، يسيرون بين يدي الملك.

وامتدت الميمنة في مقابلة الميسرة التي لعسكر الإسلام من أولها إلى آخرها، وكذا امتدت ميسرتهم في مقابلة ميمنة المسلمين إلى آخره، وملكوا رؤوس التلال، وكان طرف ميمنتهم إلى النهر، وطرف ميسرتهم إلى البحر. والسلطان رحمه الله رتب عسكره في مقابلتهم، فوقف هو في القلب، وفي الميمنة ولده الملك الأفضل، ثم ولده الملك الظافر، ثم عسكر المواصلة يقدمهم ظهير الدين بن البلنكري (٤)، ثم عسكر ديار بكر في خدمة قطب الدين بن نور الدين صاحب الحصن، ثم حسام الدين بن لاجين صاحب نابلس، ثم الطواشي قايماز النجمي، وجموع عظيمة متصلين بطرف الميمنة، وكان في طرفها الملك المظفر تقي الدين بجحفله وعسكره، وهو يطل على البحر.

وأما أوائل الميسرة: فكان مما يلي القلب سيف الدين على [بن أحمد] (٥) المشطوب من كبار ملوك الأكراد ومقدميهم، والأمير مجلي وجماعة المهرانية والهكَّارية، ومجاهد الدين يرنقش (٦) مقدم عسكر سنجار -وجماعة من المماليك، ثم مظفر الدين بن زين الدين بجحفله وعسكره.

وأواخر الميسرة: كبار المماليك الأسدية، كسيف الدين بازكج، ورسلان بغا، وجماعة الأسدية الذين يُضرب بهم المثل.


(١) ورد هذا النص بتصرف في الفتح القسى، ص ٣١١ - ص ٣٢٤؛ الكامل، جـ ١٠، ص ١٨٦ - ص ١٨٧.
(٢) النوادر السلطانية، ص ١٠٩.
(٣) "يمسك" كذا في الأصل، والمثبت من النوادر السلطانية، ص ١٠٩.
(٤) "البكنكري" في الروضتين، جـ ٢، ص ١٤٤؛ "البلتكري" في مفرج الكروب، جـ ٢، ص ٢٩٥.
(٥) "سيف الدين على المشطوب على بن أحمد" كذا في الأصل. والمثبت من النوادر السلطانية، ص ١١٠.
(٦) "برنقش" كذا في الأصل، والمثبت من النوادر السلطانية، ص ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>