للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر فتح شقيف أرنون (١)

وفي يوم الأحد خامس عشر ربيع الأول تَسَلَّم صلاح الدين بالأمان شقيف أرنون، وكان الحصار مستمرًا عليه من السنة الماضية، وكان السلطان حَبس صاحبها أرناط في دمشق على ما فصلناه. فلما تسلَّم السلطان شقيف أرنون أفرج عن أرناط، وصار إلى صور وكان هذا من أدهى الإفرنج، وأخبرهم بأيام الناس، وربما قرأ في كتب الحديث وتفسير القرآن، ومع هذا كان غليظ الجلد كافر القلب، قبحه الله.

وفي النوادر (٢): لما كان التاريخ المذكور علم الفرنج المستحفظون بالشقيف أنه لا عاصم لهم من أمر الله، وأنهم [إن] (٢) أخذوا عنوة [ضُربت رقابهم] (٢)، [فطلبوا] (٣) الأمان. وكانوا علموا من حال صاحبهم أنه قد عُذِّب أشد العذاب، فاستقرت القاعدة على أن [الشقيف يُسلَّم] (٤)، [و] (٤) يطلق صاحبهم وجميع من فيه من الفرنج، ويترك ما فيه من أنواع المال والذخائر، فآمنهم السلطان على ذلك، وسَلَّموا الشقيف، وعاد صاحبهم والفرنج الذين كانوا به إلى صور.

[ذكر حال عكا وكيفية الوصول إليها]

كان السلطان قد قوّى عكا بتسيير الغلات والأقوات إليها، وملأها بالذخائر والأسلحة. ثم انقضى الشتاء، وانفتح البحر، وحان زمان القتال، كتب السلطان إلى العساكر يستدعيهم من الأطراف، ولما تواصل أوائل العساكر وقوى جيش الإسلام، رحل السلطان -رحمه الله- نحو العدو فنزل بتل كيسان، وذلك في الثامن عشر من ربيع الأول من هذه السنة، ورتب عساكره (٥).

وكان خبر البلد قد انقطع من السلطان وامتنع عليه دخول البلد والمدد، فعند ذلك انتدب العوّامون بالسباحة، وكانوا يحملون نفقات الأجناد على أوساطهم، ويخاطرون


(١) عن فتح شقيف أرنون انظر: الفتح، ص ٣٥٩؛ النوادر، ص ١١٧ - ١١٨؛ الروضتين، ج ٢، ص ١٥٢؛ البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٥٧.
(٢) ما بين الحاصرتين إضافة من النوادر، ص ١١٧. حيث ينقل العينى عنه.
(٣) "طلبوا" في الأصل. والمثبت من النوادر السلطانية، ص ١١٧.
(٤) ما بين الحاصرتين مثبت من النوادر السلطانية، ص ١١٧.
(٥) نقل العيني هذا الخبر بتصرف عن الفتح القسي، ص ٣٦٠؛ النوادر، ص ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>