للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنفسهم، ويحملون كتبًا وطيورًا، ويعودون بكتب وطيور. وكان أهل عكا يكتبون إلى السلطان ويكتب السلطان إليهم على أجنحة الحمام. وتعرف الأحوال بذلك (١).

وقال ابن كثير (٢): فلما انحسر الشتاء، وانكسر البرد، وانتشى الربيع، أمر السلطان باجتماع العساكر، وكانوا قد تفرقوا فتوافوا، فكان أول من وصل الملك المجاهد [٨١] أسد الدين شيركوه (٣) بن محمد بن شيركوه صاحب حمص والرحبة، وسابق الدين عثمان (٤) صاحب شيزر، وعز الدين إبراهيم [بن المقدم] (٥). ووفد معهم جموع من الأجناد والأعيان وحشود من العرب والتركمان. ثم رحل السلطان ونزل على تل كيسان في التاريخ المذكور، وترتبوا في النزول ميمنة وميسرة وقلبًا، وكان الملك الأفضل في أول الميمنة، وأخوه الملك الظافر (٦) في أول الميسرة.

[ذكر وصول رسول الخليفة]

لما كان يوم الاثنين السادس عشر من ربيع الأول من هذه السنة وصل رسول من بغداد من عند الخليفة الناصر، وهو الشريف فخر الدين نقيب مشهد باب التين ببغداد، وذلك في جواب رسالته مع ضياء الدين الشهرزوري، وأرسل الخليفة معه أحمالا من النفط والرماح الخطية ومعه نفاطة متقنون لهذه الصناعة غاية الإتقان، ومرسوم بعشرين ألف دينار وذلك في رفقة من الديوان العزيز يتضمن الإذن للسلطان في أن يقترض عشرين ألف دينار، ينفقها في الجهاد، ويحيل بها على الديوان العزيز، فقبل السلطان جميع ما وصل مع الرسول، واستعفي عن الرقعة. وفي المرآة (٧): ومع الرسول توقيع بعشرين ألف دينار تقترض من التجار على الخليفة، فشق على السلطان وقال: أنا في يوم واحد أخرج


(١) نقل العيني هذا الخبر بتصرف عن الفتح القسي، ص ٣٦٠.
(٢) البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٥٧.
(٣) هو: شيركوه بن محمد بن شيركوه صاحب حمص، أعطاه صلاح الدين حمص بعد وفاة والده محمد بن شيركوه سنة ٥٨١ هـ. فأقام بها وحفظ المسلمين من الفرنج وخونة العرب. ومات بها سنة ٦٣٧ هـ. انظر: وفيات الأعيان، ج ٢، ص ٤٨٠ - ٤٨١.
(٤) هو الأمير عثمان بن الداية، صاحب شيزر وقلعة جعبر، وتل باشر.
(٥) ما بين الحاصرتين إضافة من الفتح القسى، ص ٣٦٢.
(٦) هو: خضر بن صلاح الدين الأيوبي، ولد بالقاهرة سنة ٥٦٨ هـ وتوفي بحران ٦٢٧ هـ. انظر: وفيات الأعيان، جـ ٦، ص ٢٠٤ - ص ٢٠٦.
(٧) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>