للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي ذكرناه الآن، ومعه ترجمان يترجم [عنه] وهو شيخ [٨٤] حسّن الوجه وعليه زيّهم الذي يختص بهم، ومعه كتاب مختوم بالذهب، دون عرض كتاب بغداد، مترجمًا في ظاهره وباطنه بسطرين، بينهما فرجة (١)، وضع فيها الختم من الذهب المطبوع كما يطبع الخاتم في الشمع، وعلى الختم صورة الملك وصورة السطرين المذكورين: "من إيثاكيوس الملك المؤمن بالمسيح الإله المتوج من الله المنصور العالى أبدا، أقعقوس المدبر من الله القاهر الذي لا يغلب، ضابط الروم بذاته أنكليوس إلى النسيب سلطان مصر صلاح الدين".

وأما الذي في باطن الكتاب، فإنه كان يتضمن إظهار المحبة والمودة، ثم ذكر خبر ملك الألمان وقال: "لا تحمل على قلبك منهم، فإن إدبارهم على قدر نيتهم وآرائهم. وأنهم قد خسروا كثيرا من الأموال والدواب والرجال، وبلغوا بالشدة وقد تخلصوا من أيدي أجناد بلادي بالغضب، وقد ضعفوا بحيث أنهم لا يصلون إلى بلادك، وإن وصلوا كانوا ضعافًا في شدة بعد شدة". وأكرم السلطان رسوله، وأقام بحقه كما هو العادة بين الملوك (٢).

ووصل أيضا كتاب إلى السلطان من مقدم الأرمن، وهو صاحب قلعة الروم التي على طرف الفرات. وصورته: "الكتاب الداعي المخلص [الكاغيكوس] (٣): مما أطالع به علوم مولانا ومالكنا السلطان الناصر جامع كلمة الإيمان، رافع علم العدل والإحسان، صلاح الدنيا والدين، سلطان الإسلام والمسلمين، أدام الله إقباله، وضاعف جلاله، وصان مهجته وكماله، وبلغه نهاية آماله بعظمته وجلاله: [من] (٤) أمر ملك الألمان فإنه دخل بلاد الهنكر (٥) غضبًا، وأذعن له ملك الهنكز، ودخل تحت طاعته، وأخذ من ماله ورجاله ما اختار، ثم إنه دخل أرض مقدم الروم، وفتح البلاد ونهبها، وأقام بها وأجلاها، وأحوج ملك الروم إلى أن أطاعه وأخذ رهائنه، ولده وأخاه وأربعين نفرًا من خلصانه وأخذ


(١) الفرجة: الخلل بين الشيئين. والفرجة بضم الفاء، الخصاصة بين الشيئين، انظر: ابن منظور: لسان العرب، جـ ٣، ص ١٦٥، ص ١٦٦ مادة "فرج".
(٢) انظر النوادر السلطانية، ص ١٣٢ - ص ١٣٣.
(٣) "الكاغيوس" كذا في الأصل والمثبت من النوادر السلطانية، ص ١٢٤؛ الروضتين جـ ٢، ص ١٥٥.
(٤) "ما" كذا في الأصل والمثبت بين الحاصرتين من النوادر السلطانية، ص ١٢٤.
(٥) بلاد الهنكر: هي بلاد هنغريا أو المجر الحالية؛ مفرج الكروب، جـ ٢، ص ٣٢٠، حاشية ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>