للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما قدم، كان معه من الميرة ما يحتاج إليه هو وأصحابه، وكذلك من الخيل والسلاح. وكان قد صحب معه من بلاده بازًا (١) عظيماً عنده، هائل الخلقة أبيض اللون، نادر الجنس، وكان يعزه ويحبه حباً عظيماً، فانفلت من يده وطار، وهو يدعوه فلا يجيب حتى سقط على سور عكَّا، فأمسكه أهلها وأرسلوه إلى السلطان -رحمه الله - وكان لقدومه استبشار عظيم بالظفر به، وتفاءلوا بذلك وبذل الفرنج فيه ألف دينار فلم يجابوا (٢).

ذكر قدوم كند فرند (٣)

قدم هذا اللعين بعد ملك الإفرنسيس [١٠٧] وهو أيضاً من أكابر ملوكهم، وكان مقدماً عظيماً عندهم مذكوراً، وكان حاصر حماة وحارم في عام الرملة (٤).

ثم وصلت سفن من ملك الإنكتار - لعنه الله - واسمه جبلرت، ولم يجئ هو لاشتغاله بجزيرة قبرس.

وقال العماد الكاتب: وصل الخبر أن ملك الإنكتار (٥) وصل إلى جزيرة قبرس في السادس والعشرين من ربيع الآخر في جمع عظيم، وتقدمته إلى الجزيرة مراكب وشوانى على قصد الجزيرة، فخرج صاحب قبرس إليها واستولى عليها، وغنم أموالها، وصدم رجالها.

فلما وصل مكث متحيرا واشتغل بالقتال، وأنفذ إلى الإفرنج الذين على عكا يطلب منهم نجدة، فأنفذوا له جفرى -أخا الملك العتيق (٦) - في جموع كثيرة، وامتدت


(١) الباز: جمع أبواز نوع من الصقور، ينتمى إلى الفصيلة الصقرية، وله مهارة فائقة في الصيد. انظر: المعجم الوسيط، ص ٧٩.
(٢) انظر: النوادر السلطانية، ص ١٥٦ - ١٥٧؛ الفتح القسى، ص ٤٧٤ - ٤٧٥؛ الروضتين، جـ ٢، ص ١٨٣؛ النويرى: نهاية الأرب، جـ ٢٨، ص ٤٣٠؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٤٢.
(٣) "كند فرير" في النوادر السلطانية، ١٥٧؛ الروضتين، جـ ٢، ص ١٨٣.
(٤) كانت وقعة الرملة عام ٥٧٣ هـ.
(٥) الإنكتير في الفتح القسى، ص ٤٧٧، وملك الإنكتير ليجرت هو Richard قلب الأسد ملك انكلترا ابن هنرى الثامن، وقد تم الصلح بينه وبين صلاح الدين سنة ١١٨٩ م بعد مراسلات عدة. انظر: رانسمان، تاريخ الحروب الصليبية، جـ ٣، ص ٨٩ وما بعدها.
(٦) الملك العتيق هو: "كى" كما جاء في كتب المؤرخين العرب وهو Guy of Lusignan king of Jerusalem وقد أسره صلاح الدين يوم حطين وفك أسره بعد أن أقسم أن لا يحاربه. الفتح القسى، ص ٤٧٧، حاشية ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>