للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المرآة (١): وبالغ في ذم الحنابلة، وقال: لو كان إلى أمر لوضعت على الحنابلة الجزية، وكان شابًا حسنًا، جميل الصورة، مليح العبارة، فصيحًا، فيقال: إن الحنابلة دسوا عليه من سمه؛ جاءته امرأة في الليل، ومعها صحن حلواء، فطرقت بابه، فقال: من؟ قالت: أنا امرأة آكل من مغزلي، وقد غزلت قطنًا وبعته، واشتريت من ثمنه هذه الحلواء، واشتهيت أن الشيخ يأكل منها، فإنه حلال، فتناوله منها، ومضت. فجلس يأكل هو وزوجته وولده الصغير، فأصبحوا موتي جميعًا في رمضان، ودفن بباب أبرز (رحمه الله) ولا رحم تلك المرأة.

أبو الفتوح نصر الله بن عبد الله بن مخلوف بن علي بن عبد القوي بن قلاقس، اللخمي الأزهرى الإسكندري، الملقب القاضي الأعز (٢)، الشاعر المشهور؛ كان شاعرًا مجيدًا وفاضلًا نبيلًا، ولم يكن له لحية، بل كان سناطًا، وقيل فيه أشعار بسبب ذلك. صحب الشيخ الحافظ أبا طاهر أحمد بن محمد السِّلفي، وانتفع بصحبته، وله فيه غرر المدائح، وقد تضمنها ديوان. وكان كثير الحركات والأسفار، وفي آخر وقته دخل اليمن فحصَّل شيئًا كثيرًا من صاحب بلاد اليمن، فركب البحر، فانكسر المركب به، وغرق جميع ما كان معه، بجزيرة الناموس بالقرب من دَهْلَك (٣)، وذلك يوم الجمعة خامس ذي القعدة سنة [ثلاث] (٤) وستين وخمسمائة، فعاد إليه وهو عريان، فلما دخل عليه أنشده قصيدته التي أولها:

صَدَرْنا وقد نَادَى السَّماحُ بِنَا رِدُوا … فَعُدْنَا إلى مَغْناكَ والعَوْدُ أحْمَدُ

وهي من القصائد المختارة، ولو لم يكن فيها سوى هذا البيت لكفاه. ومحاسنه نادرة، وكانت ولادته بإسكندرية يوم الأربعاء رابع شهر ربيع الآخر من سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، وتوفي في ثالث شوال من هذه السنة بعيذاب.

وله في جارية سوداء، وهو معنى غريب:


(١) انظر: مرآة الزمان، جـ ٨، ص ١٨٣.
(٢) انظر ترجمته في وفيات الأعيان، جـ ٥، ص ٣٨٥ - ٣٨٩.
(٣) دَهْلَك: وهي جزيرة في بحر اليمن ومرسى بين بلاد اليمن والحبشة. معجم البلدان جـ ٢، ص ٦٣٤.
(٤) "ست وستين" في نسختى المخطوطة أ، ب. والمثبت بين الحاصرتين من وفيات الأعيان، جـ ٥، ص ٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>