للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولِمَن ألُومُ على الهَوَى وأنا الذي … قُدتُ الفؤادَ إلى الغرام وسُقْتُه

قد كنتُ أعْذِلُ (١) كلَّ صَبٍّ في الهَوَى … وألومُه في العِشْقِ حتى ذُقْتُه

مالي سوى قَلْبي وفيكَ أَذَبْتُه … مالى سِوَى دَمْعِي وفِيكَ سَكَبْتُه

أبكي إذا جَنّ الظلامُ تَشَوقًا … من طُولِ لَيْلٍ في هواكَ سَهِرْتُه

وأنُوحُ إن نَاحَ الحمامُ ضُحًى علَى … إلْفٍ فقدتُ الصبرَ حينَ فَقَدتُه

ما كنتُ أعرفُ مَا الغَرامُ ولَا الأَسَى … والشوقُ والتبريحُ حتى ذُقْتُه (٢)

عَرقَلَةُ الشَّاعِرُ (٣)؛ واسمه حَسَّان بن نمير البدوي؛ الشاعر الحلبيّ، من حاضرة دمشق، وكان شيخًا خليعا أعور، مطبوعا كَيسا لطيفا ظريفا منادما. وله في صلاح الدين قصائد كثيرة، وتوفي في هذه السنة، وقيل إن وفاته تأخرت، حتى أخذ صلاح الدين دمشق، وله ديوان مشهور، ومن شعره:

عِنْدِي إليكم مِنَ الأَشْواقِ والبُرَحَا … ما صيَّر الجسْمَ من بعْد الضنا شَبَحَا

أحبَابَنا لا تَظُنُّوني سَلَوْتُكُمُ … الحالُ بالحالِ والتَّبْرِيحُ ما بَرِحَا

لو كان يَسْبَحُ صَبٌّ في مَدَامِعِهِ … لكُنتُ أوَّلَ (٤) مَن في دَمْعِه سَبَحَا

أو كُنتُ أعْلَمُ أنّ البيْنَ يَقْتُلُني … ما حُلْتُ عنْكُم ولكنْ فَاتَ "ما" (٥) ذَبحَا

وقال:

كَتمَ الهَوى فوشَتْ عليه دُمُوعُه … من حَرِّ جَمْرٍ تَحْتَويه ضُلُوعُهُ

صَبٌّ تشاغَلَ بالحبيبِ وزَهْرِه … [زمنًا] (٦) وفي وجْه الحبِيبِ رَبيعُه

يا لَائِمِي فِيمَن تَمَنَّعَ وصْلُه … عن بُغيتي أحْلَى الهَوى مَمْنُوعُه


(١) "أعدك" في نسخة ب.
(٢) انظر: مرآة الزمان، جـ ٨، ص ١٨٠ - ١٨١.
(٣) انظر ترجمته في الخريدة، قسم شعراء الشام، جـ ١، ص ١٧٨؛ شذرات الذهب، جـ ٤، ص ٢٢٠.
(٤) "أولى" في نسخة ب.
(٥) ما بين الأقواس ساقط من نسخة ب.
(٦) "قوم" كذا في نسختى المخطوطة أ، ب. والمثبت من النجوم الزاهرة، جـ ٦، ص ٦٤، وهو ما يتفق مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>