للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أن تجدد إسلامك على يد رسولى؛ حتى يحل لى إقرارك على بلاد الإسلام، فإنى (١) لا أعتقدك مؤمنا، وكان قليج أرسلان يتهم باعتقاد مذاهب (٢) الفلاسفة.

والثانى: إذا طلبت عسكرك إلى الغزاة (٣) تسيره، فإنك قد ملكت طرفا كبيرا من بلاد الإسلام، وتركت الروم وجهادهم، وهادنتهم، فإما أن تكون (٤) تنجدني بعسكرك؛ لأقاتل بهم الفرنج، وإما أن تجاهد من يجاورك من الروم، وتبذل الوسع والجهد في جهادهم.

والثالث: أن تزوج ابنتك لسيف الدين غازي ابن (٥) أخي، وذكر أمورًا غيرها. فلما سمع قليج أرسلان الرسالة قال: ما قصد نور الدين إلا الشناعة على بالزندقة (٦)، وقد أجبته إلى ما طلب، أن أجدد إسلامي على يد رسوله.

واستقر الصلح، وعاد نور الدين، وترك عسكره في سيواس مع فخر الدين عبد المسيح في خدمة ذي النون، فبقى العسكر بها إلى أن مات نور الدين، فرحل العسكر عنها، وعاد قليج أرسلان وملكها (٧).

ومنها أن مليح بن لاون (٨) مقدم بلاد الأرمن التجأ إلى نور الدين، وتقوي به على الروم والأرمن. وكانت الدروب أذنة (٩) والمصيصة (١٠)، وكان كلب الروم يحمي سيواس ويضبطها بجنده، حتى استولى عليها مليح بن لاون، فكسرهم وقتل وأسر، وساق لنور الدين من مقدمي الروم ثلاثين أسيرًا، فأرسل نور الدين القاضي كمال الدين بن الشهرزوري (١١) بالأسرى والهدايا إلى الخليفة المستضيء بأمر الله، ومعه كتاب يشرح هذه الكسرة وما فتح من البلاد.


(١) "فإنني" في الباهر، ص ١٦٠؛ وفي الروضتين: "إنني"، ج ١ ق ٢، ص ٥٤٤.
(٢) "مذهب" في الباهر، ص ١٦٠، وفي الروضتين "مذاهب" ج ١ ق ٢، ص ٥٤٤ وهي الأصح.
(٣) "للغزاة" في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٤٤.
(٤) تكون هنا زائدة، وتجعل النص مضطربًا، وقد تركناها حفاظًا على النص.
(٥) "ولد" في الباهر، ص ١٦١.
(٦) "الزندقية" في نسخة ب.
(٧) ورد هذا النص في: الباهر، ص ١٦٠ - ١٦١، ثم توقف العينى عن النقل من ابن الأثير وأخذ ينقل من البرق الشامي للعماد الأصفهاني دون ذكر اسمه.
(٨) "إليون" في نسخة ب.
(٩) أذّنة: بلد من الثغور قرب المصّيصة. معجم البلدان، ج ١، ص ١٧٩ - ١٨٠.
(١٠) المصّيصة: هي مدينة على شاطئ جيحان من ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد الروم تقارب طرسوس. معجم البلدان، ج ٣، ص ٥٥٧ - ٥٥٨.
(١١) هو أبو الفضل محمد بن أبي محمد عبد الله بن أبي أحمد القاسم الشهرزوري. المتوفي سنة ٥٧٢ هـ/١١٧٦ م بدمشق. انظر ترجمته في وفيات الأعيان، ج ٤، ص ٢٤١ - ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>