للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا غلب على الظن أنه يحفظ دينه، وأن ذلك يعين إخوانه على القرب منه والألفة والمحبة وفي حدود المشروع، فلا حرج، وقد توسع أهل البدع في هذا الباب حتى استعبدوا الناس -والعياذ بالله- من دون الله، فأهانوهم، وأذلوهم بلحس الرُّكب والأقدام والأيدي.. وغير ذلك مما تمجُّه الطباع السليمة، فضلاً عن النفوس المستقيمة التي تسير على نهج الله، الذي أراد تكرمة بني آدم لا إذلاله، حتى أن الإمام مالك -رحمة الله عليه- كان يشدد في تقبيل اليد، ويسميها السجدة الصغرى، خوفاً من ذريعة الغلوّ في الصالحين والعلماء، ويتأكد ذلك في هذه الأزمنة التي ضعف فيها الدين في نفوس الناس، وبالغ العوام في هذه الأمور، أو يكون طالب العلم أو العالم في بيئة تبالغ في ذلك من الانحناء عند السلام وأخذ الكف بعد السلام ومسح الوجه بها.. كل ذلك من البدع والضلال الذي نشأ من الغلوّ في الصالحين والعلماء، ودين الإسلام دين عدل، فلا غلوّ ولا إجحاف

[السؤال السادس]

بعض طلاب العلم يرى أن من الأصلح لطالب العلم أن يعتزل -في كثير من الأحيان- الناس حتى يأمن شرهم، هل هذا صحيح (١) [١١٦] ) ؟

الجواب:

مخالطة الناس مع الصبر أفضل من العزلة، كما جاء في الحديث: (المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم) (٢) [١١٧] ) ، وهذا من حيث العموم، أما إذا كان طالب العلم لا يستطيع التحمل والصبر على الأذى، أو ضعف أخلاقه لا يساعده على الدعوة والنصح وتعليم الناس مع عبادته وصلاحه، فهذا فتح الله عليه في باب العبادة، وتحمل أحاديث الأمر بالاعتزال على مثل هذه الحالات الذي يغلب على الظن فيها هلاك صاحبها بسبب الخلطة.


(١) ١١٦] ) من دروس شرح عمدة الأحكام، للشيخ محمد -أحسن الله له الختام-.
(٢) ١١٧] ) رواه الإمام الترمذي، والإمام ابن ماجة رحمهما الله، وصححه الشيخ ناصر الدين في المشكاة برقم (٥٠٨٧) .

<<  <   >  >>