للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجاب الشافعي: الثابت بأن تكون مكة محلاً للخيرات، لا محلاً للمحل والهلاك، فتنقطع الناس عن الزيارة، ويتعطل الحج إلى بيته الحرام. وأجبت بأن هذا لعله كان قبل فتح مكة، فكان يطلب أن تكون محلاً لتمكنه وتمكن أصحابه من الحج، ولا تكون محلاً للهلاك الموجب لغلبة الكفر، وفيها الطلب بالظفر بكفار مكة والنصرة عليهم وفتح مكة، وكان كما طلب، فاستجاب الله دعاءه، فصارت محلاً لمناه ولله الحمد. فاستحسن كل ذلك.

[جلسة علمية]

وسألهم رجل من الأفاضل، ما الحكمة أن درهم الحسنة بعشرة أمثالها ودرهم القرض بثمانية عشر، وكان حقه كباقي الحسنات، فسكت الملأ والجماعة وخطر الجواب بأن هذه البشارة مكتوبة على باب الجنة، وأبوابها ثمان فزيدت، وذكرنا الدليل على الثمانية من قوله عليه السلام فتفتح له أبواب الجنة الثمانية.

ثم سأل إنسان فقال: من يعمل بأعمال هذه الأبواب يدخلها دفعةً واحدة، فأجابوا: إنه يخير فيدخل من أيها شاء، وهذا أرقى ممن تعين عليه الدخول من باب واحد من أبوابها دون غيره.

ثم جيء بالبخور والماورد وودعناه وذهبنا.

[مقتل موسى آغا]

وفيه قتل الباشا، موسى آغا، كبير التركبدية، وهو من بلاده، وكان غضب عليه في وقعة الكرك، فلما دخلوا الشام سركنه، فجاء في بعض الأوقات وقع على رجليه، فأشار بعض الناس أنه يريد الغدر، فأمر به فحبس، ثم في آخر الليل قتله وضبط ماله وخيله وأسبابه ما يبلغ ثلاثين كيساً، فالله يحسن الحال.

وفيه سافر أعراب الصر وأعطاهم الباشا النصف وأبقى الباقي للمزيريب.

[فنار من طرابلس]

وفيه، وذلك في الاثنين العاشر من شوال المبارك، أرسلت وكتبت لبعض الأصحاب وكان في ترابلس، أطلب منه فناراً، وأمرته أن يشتريه لي من الفرنج، وأرسلت له حقه وكلفة التابوت، فما أرسل، ولم يبعث الدراهم يعتذر من ذلك. وأخبرني بعضهم أنه شكا من صغر المكتوب وعتب، فأرسلت أؤكد عليه في ذلك بمكتوب خاص.

وفي يوم الخميس، ثاني عشر شوال، طلع الباشا والمحمل، ونزل عند القبة. وأما قول الشام ودولة القلعة، فلم يأذن لهم بالطلوع معه للقبة.

وفي يوم الاثنين، سادس عشر من الشهر، طلع الحج الشامي.

وفي الثلاثاء دخل الحلبي والأعجام.

ويوم الجمعة الواحد والعشرين من الشهر طلع الحلبي والأعجام.

[الحملة على روسية]

وفي آخره، أمر السلطان حفظه الله، أن يجيش عسكراً كثيفاً على بلاد النصارى، لأنه وجد منهم الحركة عليه، وعمروا قلعةً بين الطرر والأروام، وأنه فتح خزاين المال، وكتب من العساكر ما لا يحصى.

[فتن في مصر]

وفيه بلغ أن أهل مصر نزلوا الباشا، وأرسلوا مع أمير الحج خمسة آلاف خيال، وعلايفهم من مال الخزنة، لكون أمير الشام ناصيف باشا أغلظ على أيوب بك أمير الحج المصري، وعرض عليه القتل، وكان عسكر أيوب بمكة قليلاً. وقلة العسكر من طرف المصري، أنهم على القوانين القديمة، ويعطوا ما عليهم من الصر، فهم في أمن بخلاف الطريق الشامي.

وفي سابع عشرين شوال، وردوا المزيربتية، وأخبروا أن الحج في غاية.

[إبراهيم بن عبد الرزاق]

وفي يوم الأحد، رابع عشر ذي القعدة الحرام توفي الشيخ إبراهيم بن عبد الرزاق، من أعيان تجار دمشق، وكان يحفظ كلام الله، ديناً ورعاً، متعمماً على زي طلبة العلم، يؤدي حق الله، وصلي عليه بالجامع، ودفن بالباب الصغير غربي بلال، وعملت صباحيته بالسنانية، وكان المعزي للناس ولده صاحبنا الأخ الشيخ عبد الرحمن.

[عبد المعطي الفلاقنسي]

وفي الأحد حادي عشرين ذي القعدة، توفي عبد المعطي جلبي الفلاقنسي، من رؤساء دمشق وأعيان كتابها، وهو من أجل ذوي الأقلام الدفترية تولى الأموي مراراً، وكان ذا ثروة باذخة، وله متعلقات وأقواف وتجارات، وعليه المحاسبجية ونظارات أوقاف كثيرة في الحرمين والمصرين، وعثامنة كثيرة وأملاك وإقطاع وفلاليح، ومن ذلك شيء كثير.

وصف دار دمشقية رائعة

<<  <   >  >>