للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَللهِ دَرُّ الشَّيْخِ الدُّكْتُورِ وَلِيدِ بْنِ حَسَنٍ الْعَانِي رَحِمَهُ اللهُ حَيْثُ قَالَ فِي ثَنَايَا مُنَاقَشَتِهِ أَحْكَامِ الشَّيْخِ أَبِي الأَشْبَالِ الآنِفَةِ:

إنَّ الأَحْكَامَ الَّتِي أَصْدَرَهَا الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِرٍ رَحِمَهُ اللهُ لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً عَلَى دِرَاسَةٍ حَدِيثِيَّةٍ جَادَّةٍ، وَلا عَلَى اسْتِقْرَاءٍ يُؤَهِّلُ لإِصْدَارِ مِثْلِ هَذِهِ الأَحْكَامِ الْخَطِيْرَةِ. وَأَوَّلُ رَجُلٍ عَالِمٍ لَمْ يَقْتَنِعْ بِمَا قَالَهُ هُوَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِرٍ نَفْسَهُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى أَحْكَامِهِ عِنْدَ تَحْقِيقِهِ مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَحَكَم عَلَى أَسَانِيدِهِ، وَكَذَلِكَ اسْتَبْعَدَ هَذِهِ الأَحْكَامَ عِنْدَ تَحْقِيقِهِ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ، وَحَكَم عَلَى رِجَالِ أَسَانِيدِهِ اهـ.

قُلْتُ: وَأَوَّلُ الْعَجَائِبِ الْغَرَائِبِ الَّتِي لَمُ يُسْبَقَ إِلَيْهَا، وَلا يَنْبَغِي أَنْ يُتَابَعَ عَلَيْهَا: قَوْلُهُ «وَمَا بَعْدَ الْمَرْتَبَةِ الرَّابِعَةِ فَمِنَ الْمَرْدُودِ، إِلاَّ إِذَا تَعَدَّدَتْ طُرُقُهُ مِمَّا كَانَ مِنَ الْمَرْتَبَةِ الْخَامِسَةِ وَالسَّادِسة، فَيَتَقَوَّى بِذَلِكَ، وَيَصِيْرُ حَسَنَاً لِغَيْرِهِ» ! .

فَمُقْتَضَى هَذِهِ الأُطْرُوحَةِ الْمُتَعَسِّفَةِ، وَالْقَضِيَّةِ الْجَائِرَةِ؛ فِي حَقِّ رِجَالِ الْمَرْتَبَتَيْنِ الْخَامِسَةِ وَالسَّادِسَةِ:

[أَوَّلاً] أَنَّ كُلَّ مَنْ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْمَرْتَبَةِ الْخَامِسَةِ، وَوَصَفَهُ بِـ صَدُوقٌ سَيْءٌ الْحِفْظِ، أَوْ صَدُوقٌ يَهِمُ، أَوْ لَهُ أَوْهَامٌ، أَوْ يُخْطِئُ، أَوْ تَغَيَّرَ بِأَخِرَةَ، أَوْ مَنْ رُمِيَ بِنَوْعٍ مِنَ الْبِدْعَةِ كَالتَّشَيُّعِ، وَالْقَدَرِ، وَالنَّصَبِ، وَالإِرْجَاءِ، وَالتَّجَهُّم. وَمَا أَكْثَرَ رُوَاةِ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ فِي النَّقْرِيبِ، بَلْ هِيَ أَكْثَرُ الْمَرَاتِبِ عَدَدَاً، فَأَحَادِيثُ هَؤُلاءِ جَمِيعَاً مَرْدُودَةٌ، وَإِنْ شَفَعَتْ لِحَدِيثِ أَحَدِهِمْ مُتَابَعَةٌ لِتُقَوِّيهِ، أَوْ شَاهِدٌ لِيُعَضِّدَهُ، فَأَقْصَى غَايَاتِهِ أَنْ يَكُونَ حَسَنَاً، وَلا يَبْلَغُ الصِّحَةَ بِحَالٍ!! .

[ثَانِيَاً] أنَّ هَذَا الْحَكْمَ بِرُمَّتِهِ هُوَ مَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَى أَحَادِيثِ رِجَالِ الْمَرْتَبَةِ السَّادِسَةِ، الَّذِينَ وَصَفَهُمُ الْحَافِظُ بِقَوْلِهِ: مَنْ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْحَدِيثِ إِلاَّ الْقَلِيلَ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مَا يُتْرَكُ حَدِيثُهُ مِنْ أَجْلِهِ، وَإِلَيْهِ الإِشَارَةُ بِلَفْظِ مَقْبُولٍ حَيْثُ يُتَابَعُ، وَإِلاَّ فَلَيِّنُ الْحَدِيثِ.

[ثَالِثَاً] أنَّ هَذَا الْحَكْمَ عَامٌّ شُمُولِيٌّ لِرِجَالِ الْمَرْتَبَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، بِلا اسْتِثَاءَ، وَلا تَخْصِيصَ، وَلا نَظَرَ فِيمَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي خَوَاتِيمِ تَرَاجَمِ الْعَشَرَاتِ، بَلْ الْمِئَاتِ مِنَ رِجَالِ هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ بِقَوْلِهِ [خ م] ، يَعْنِي أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ!! .

<<  <   >  >>