للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعرفها ابن رشد (١) بأنها: النظر في الموجودات واعتبارها من جهة دلالتها على الصانع (٢).

وهذان التعريفان خاصان بما نحن بصدده من كلامهم في الله عز وجل لارتباطهما به.

أما الفلاسفة: فهم الذين نظروا في طبائع الأشياء بفكرهم لمعرفة عللها الخفية وراء ظواهرها.

لذا نجد أن الفلاسفة لم يقتصروا على النظر والتفكر فيما هو ظاهر أمام أعينهم من المخلوقات، وإنما راحوا يبحثون فيما وراء ذلك وهو الخالق جل وعلا ويسمون ذلك ما وراء الطبيعة أو الإلهيات (٣).

وقبل أن نذكر قول الفلاسفة في التوحيد نشير إلى أن الفلاسفة ولجوا في هذا العلم بعقولهم المحدودة، ونظرهم القاصر، وقد أدركوا أن كلامهم إنما هو في أمر لا سبيل إلى التحقق منه بالعقول المجردة وإنما هي محاولات لن يصلوا منها إلى نتيجة حاسمة أبداً، فتبقى هكذا محاولات ومقدمات بلا نتائج لهذا قالوا: "إن عالِمَ ما بعد الطبيعة عالِمٌ درج في غير عشه ببحثه عن شيء فوق الحقائق فإذا هو شاعر" (٤).

ومرادهم بقولهم: (فإذا هو شاعر) أي: أن الفيلسوف يعبر عن خيالاته وأحاسيس نفسه بالعبارات المنمقة التي لا تعتمد على عرض الحقائق على ما


(١) محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الأندلسي أبو الوليد الفيلسوف عني بكلام أرسطو وترجمه إلى العربية وزاد عليه زيادات كثيرة اتهم بالزندقة فنفاه الخليفة إلى مراكش فتوفي فيها سنة ٥٩٥ هـ الأعلام ٥/ ٣١٨
(٢) نقلا عن الفكر العربي لعمر فروخ (ص ٦٥٩).
(٣) مبادئ الفلسفة (ص ٢٤، ٢٥)، أرسطو المعلم الأول (ص ٢١).
(٤) مبادئ الفلسفة (ص ٢٦).

<<  <   >  >>