للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْخُلَاصَة:

وخلاصة القَوْل هُنَا أَن فَضِيلَة الشَّيْخ أَرَادَ أَن يقْضِي على مشكلة طالما استثارت النقاش والجدال بَين المتمسكين بِالسنةِ المتقيدين بالنصوص الشَّرْعِيَّة- خَاصَّة فِي أُمُور الْعِبَادَات - من جَانب، وَبَين غَيرهم مِمَّن تهاونوا فِي أَمر الْبدع وتساهلوا مَعهَا، بل وحاولوا أَن يجْعَلُوا من بعض الْبدع سننا يلْزم النَّاس بهَا، ويهاجمون ويتهمون إِذا لم يقبلوها أَو طولبوا بِالدَّلِيلِ على أَنَّهَا من دين الْإِسْلَام - من جَانب آخر.

أَرَادَ الشَّيْخ أَن يقْضِي على هَذِه المشكلة، وَيُوجد الرَّأْي تجاه تِلْكَ الْمَسْأَلَة بجرة قلم، وبكلمات لَا تبلغ الْعشْرَة أسطر، وَنحن نقُول: بَارك الله فِيك، وَنحن من ورائك ضد الْخلاف وضد أَسبَابه، وَلَكِن بِشَرْط - يَا فَضِيلَة الشَّيْخ - أَن يكون الْمَذْهَب المقبول الَّذِي نَبْنِي عَلَيْهِ هُوَ الْمَذْهَب المتمشي مَعَ السّنة، وَالَّذِي عَلَيْهِ سلف الْأمة، وَلَو لم يكن هُوَ الْمُوَافق لعواطف الْعَامَّة وَالْمُنَاسِب لأذواقهم.

وَيَقُول الشَّيْخ حفظه الله: لِأَن الْمَسْجِد مَا هُوَ إِلَّا بَيته - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -، وَهل بَيته إِلَّا جُزْء من الْمَسْجِد؟ كَمَا فِي حَدِيث الرَّوْضَة: " مَا بَين بَيْتِي ومنبري رَوْضَة من رياض الْجنَّة".. ثمَّ قَالَ: فَهَذِهِ قُوَّة ربط بَين بَيته ومنبره فِي مَسْجده.

وَهنا نناقش فضيلته فَنَقُول: الْمَسْجِد النَّبَوِيّ لَيْسَ هُوَ بَيت الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بل هُوَ بَيت الله وَمَسْجِد رَسُوله، وَبَيت الْإِنْسَان غير مَسْجده، وبيته - عَلَيْهِ السَّلَام - لَيست جُزْءا من الْمَسْجِد لَا قبل وَفَاته - عَلَيْهِ السَّلَام - وَلَا بعد وَفَاته وَدَفنه فِيهِ، فداؤه آبَاؤُنَا وَأُمَّهَاتنَا وأنفسنا وأبناؤنا، مَاذَا لَو كَانَ الْأَمر كَمَا زعم لَكَانَ الرَّسُول وصاحباه مدفونين فِي الْمَسْجِد، وَهل يجوز دفن الْأَمْوَات فِي الْمَسَاجِد واتخاذها مَقَابِر؟.. أبعد الله ذَلِك الْيَوْم الَّذِي تصبح فِيهِ مَسَاجِدنَا مَقَابِر، مِثْلَمَا وَقع فِي بعض الْبِلَاد الْأُخْرَى، وَلَو كَانَ بَيته جُزْءا من الْمَسْجِد مَا سَاغَ أَن يَقع فِيهِ مَا لَا يَلِيق بالمساجد كقضاء الْحَاجة؛ إِذْ الْمَسَاجِد لَا يَلِيق بهَا إِلَّا الْعِبَادَة من صَلَاة وتلاوة وَذكر، وَمَا يمت إِلَى ذَلِك بصلَة من مدارسة علم وَبحث شؤون الْمُسلمين

<<  <   >  >>