للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

؟

[الذكاء والفهم]

ومما جاء في الذكاء والفهم ما حكي عن المأمون أنه غضب على عبد الله بن طاهر، وشاور أصحابه في الإيقاع به، وكان قد حضر في ذلك المجلس صديق له فكتب إليه كتاباً فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، يا موسى. فلما فضه ووجد ذلك تعجب وجعل يطيل النظر إليه ولا يفهم معناه، وكانت له جارية واقفة على رأسه فقالت له: يا سيدي، إني أفهم معنى هذا. فقال: وما هو؟ قالت: إنه أراد قوله تعالى: " يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ".

وكان قد عزم على الحضور إلى المأمون، فثنى العزم عن ذلك واعتذر للمأمون في عدم الحضور فكان سبب سلامته.

وأحسن من ذلك ما ذكره ابن خلكان قال: إن بعض الملوك غضب على بعض عماله فأمر وزيره أن يكتب له كتاباً يشخصه به، وكان للوزير بالعامل عناية، فكتب إليه كتاباً وكتب في آخره، إن شاء الله تعالى. وجعل في صدر النون شدة. فعجب العامل كيف وقعت هذه الحركة من الوزير إذ من عادة الكتاب أن لا يشكلوا كتبهم، ففكر في ذلك فظهر له أنه أراد: إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك. فكشط الشدة وجعل مكانها ألفاً وختم الكتاب وأعاده. فلما وقف عليه الوزير سر بذلك وفهم أنه أراد: إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها.

<<  <   >  >>