للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَنْبَأَنَا الرَّبِيعُ أَنْبَأَنَا الشَّافِعِيُّ أَنْبَأَنَا الثِّقَةُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَخَذَتِ النَّاسَ رِيحٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ وَعُمَرُ حَاجٌّ فَاشْتَدَّتْ، فَقَالَ عُمْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِمَنْ حَوْلَهُ: مَا بَلَغَكُمْ فِي الرِّيحِ فَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَيْهِ شَيْئًا، فَبَلَغَنِي الَّذِي سَأَلَ [عُمَرُ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الرِّيحِ] (١) فَاسْتَحْثَثْتُ رَاحِلَتِي حَتَّى أَدْرَكْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكُنْتُ فِي مُؤَخَّرِ النَّاسِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُخْبِرْتُ أَنَّكَ سَأَلْتَ عَنِ الرِّيحِ وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الرِّيحُ مِنْ رُوحِ اللَّهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَبِالْعَذَابِ فَلَا تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا اللَّهَ مَنْ خَيْرِهَا وَتَعَوَّذُوا بِهِ مِنْ شَرِّهَا" (٢) وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ (٣) .

{حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ} حَمَلَتِ الرِّيَاحُ {سَحَابًا ثِقَالًا} بِالْمَطَرِ، {سُقْنَاهُ} وَرَدَّ الْكِنَايَةَ إِلَى السَّحَابِ، {لِبَلَدٍ مَيِّتٍ} أَيْ: إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ مُحْتَاجٍ إِلَى الْمَاءِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لِإِحْيَاءِ بَلَدٍ مَيِّتٍ لَا نَبَاتَ فِيهِ {فَأَنْزَلْنَا بِهِ} أَيْ: بِالسَّحَابِ. وَقِيلَ: بِذَلِكَ الْبَلَدِ الْمَيِّتِ {الْمَاءَ} يَعْنِي: الْمَطَرَ، {فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى} اسْتَدَلَّ بِإِحْيَاءِ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا مَاتَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي النَّفْخَةِ الْأُولَى أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَطَرًا كَمَنِيِّ الرِّجَالِ مِنْ مَاءٍ تَحْتَ الْعَرْشِ يُدْعَى مَاءَ الْحَيَوَانِ، فَيُنْبَتُونَ فِي قُبُورِهِمْ نَبَاتَ الزَّرْعِ حَتَّى إِذَا اسْتُكْمِلَتْ أَجْسَادُهُمْ نَفَخَ فِيهِمُ الرُّوحَ، ثُمَّ يُلْقِي عَلَيْهِمُ النُّوَّمَ فَيَنَامُونَ فِي قُبُورِهِمْ، ثُمَّ يُحْشَرُونَ بِالنَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ وَهُمْ يَجِدُونَ طَعْمَ النَّوْمِ فِي رُءُوسِهِمْ وَأَعْيُنِهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُونَ: (يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا) [يس-٥٢] .

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ فَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ الْبَلَدِ الطَّيِّبِ، يُصِيبُهُ الْمَطَرُ فَيَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ، {وَالَّذِي خَبُثَ} يُرِيدُ الْأَرْضَ السَّبْخَةَ الَّتِي {لَا يَخْرُجُ} نَبَاتُهَا، {إِلَّا نَكِدًا} قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ بِفَتْحِ الْكَافِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِهَا، أَيْ: عُسْرًا قَلِيلًا بِعَنَاءٍ وَمَشَقَّةٍ.


(١) ساقط من (ب) .
(٢) أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ص (٢٦٤) ، وأبو داود في الأدب، باب القول إذا هاجت الريح: ٨ / ٤، واللفظ له، وابن ماجه في الأدب، باب النهي عن سب الريح: ٢ / ١٢٢٨، والشافعي في المسند: ١ / ١٧٥-١٧٦، والنسائي في عمل اليوم والليلة ص (٥٢٠) ، والطحاوي في مشكل الآثار: ١ / ٣٩٩، والبيهقي في الدعوات الكبير (انظر: مشكاة المصابيح: ١ / ٤٨٠) ، وصححه ابن حبان ص (٤٨٨) ، من الموارد، والحاكم في المستدرك ٤ / ٢٨٥، والإمام أحمد في المسند: ٢ / ٢٦٨، وأخرجه المصنف في شرح السنة: ٤ / ٣٩١، وإسناده صحيح.
(٣) انظر: المصنف للإمام عبد الرزاق: ١١ / ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>