للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَحَبْرٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا، وَالرُّهْبَانُ مِنَ النَّصَارَى أَصْحَابُ الصَّوَامِعِ فَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوا الْأَحْبَارَ وَالرُّهْبَانَ؟ قُلْنَا: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ أَطَاعُوهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَاسْتَحَلُّوا مَا أَحَلُّوا وَحَرَّمُوا مَا حَرَّمُوا، فَاتَّخَذُوهُمْ كَالْأَرْبَابِ. رُوِيَ عَنْ عُدَيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لِي: "يَا عُدَيُّ اطْرَحْ هَذَا الْوَثَنَ مِنْ عُنُقِكَ"، فَطَرَحْتُهُ ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقْرَأُ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، قُلْتُ لَهُ: إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ، فَقَالَ: "أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَتُحَرِّمُونَهُ وَيَحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَتَسْتَحِلُّونَهُ"؟ قَالَ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: "فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ" (١) .

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: وَهَلْ بَدَّلَ الدِّينَ إِلَّا الْمُلُوكُ ... وَأَحْبَارُ سَوْءٍ وَرُهْبَانُهَا

{وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} أَيِ: اتَّخَذُوهُ إِلَهًا، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} .


(١) أخرجه الطبري في التفسير: ١٤ / ٢١٠. ورواه مختصرا الترمذي في تفسير سورة براءة: ٨ / ٤٩٢-٤٩٤، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث. وعزاه السيوطي أيضا: لابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي. انظر: الدر المنثور: ٤ / ١٧٤، الكافي الشاف ص (٧٥) ، جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ص (٤٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>