للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِد الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمُبَشِّرَاتِ"، قَالُوا: وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ؟ قَالَ: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ" (١) .

وَقِيلَ: الْبُشْرَى فِي الدُّنْيَا هِيَ: الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، وَفِي الْآخِرَةِ: الْجَنَّةُ.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يَعْمَلُ لِنَفْسِهِ وَيُحِبُّهُ النَّاسُ؟ قَالَ: "تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ" (٢) . وَأَخْرَجَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، وَقَالَ: "وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ". (٣) .

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ: هِيَ نُزُولُ الْمَلَائِكَةِ بِالْبِشَارَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْمَوْتِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " تَتَنَزَّلُ عليهم الملائكة أن لا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ " (فُصِّلَتْ -٣٠)

وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْبُشْرَى فِي الدُّنْيَا، يُرِيدُ: عِنْدَ الْمَوْتِ تَأْتِيهِمُ الْمَلَائِكَةُ بِالْبِشَارَةِ، وَفِي الْآخِرَةِ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يُعْرَجُ بِهَا إِلَى اللَّهِ، وَيُبَشَّرُ بِرِضْوَانِ اللَّهِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: هِيَ مَا بَشَّرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ فِي كِتَابِهِ مِنْ جَنَّتِهِ وَكِرِيمِ ثَوَابِهِ، كَقَوْلِهِ: " وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " (الْبَقْرَةِ -٢٥) ، " وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ " (الْأَحْزَابِ -٤٧) " وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ " (فُصِّلَتْ -٣٠) .

وَقِيلَ: بَشَّرَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْكِتَابِ وَالرَّسُولِ أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ، وَيُبَشِّرُهُمْ فِي الْقُبُورِ وَفِي كُتُبِ أَعْمَالِهِمْ بِالْجَنَّةِ (٤) .

{لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} لَا تَغْيِيرَ لِقَوْلِهِ، وَلَا خُلْفَ لِوَعْدِهِ. {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}


(١) أخرجه البخاري في التعبير، باب المبشرات: ١٢ / ٣٧٥، والمصنف في شرح السنة: ١٢ / ٢٠٢.
(٢) شرح السنة للبغوي: ١٤ / ٣٢٧.
(٣) أخرجه مسلم في البر والصلة، باب إذا أثني على الصالح فهي بشرى لا تضره، برقم (٢٦٤٢) : ٤ / ٢٠٣٤-٢٠٣٥، والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ٣٢٨.
(٤) ساق الإمام الطبري رحمه الله، الأقوال في تفسير "البشرى" التي بشَّر الله بها هؤلاء القوم، ثم قال: "وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب، أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن لأوليائه المتقين، البشرى في الحياة الدنيا. ومن البشارة في الحياة الدنيا: الرؤيا الصالحة، يراها المسلم أو ترى له، ومنها بشرى الملائكة إياه، عند خروج نفسه، برحمة الله، كما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ، ومنها بشرى الله إياه ما وعده في كتابه وعلى لسان رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الثواب الجزيل ... وكل هذه المعاني من بشرى الله إياه في الحياة الدنيا بشَّره بها، ولم يخصص الله من ذلك معنى دون معنى، فذلك مما عمَّهُ جل ثناؤه: أن لهم البشرى في الحياة الدنيا. وأما في الآخرة فالجنة" انظر: تفسير الطبري: ١٥ / ١٤٠-١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>