للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاخْتَلَفُوا فِيهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتْ دَرَاهِمَ رَدِيئَةً زُيُوفًا (١) .

وَقِيلَ: كَانَتْ خِلَقَ الْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ (٢) .

وَقِيلَ: كَانَتْ مِنْ مَتَاعِ الْأَعْرَابِ مِنَ الصُّوفِ وَالْأَقِطِ.

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: كَانَتِ الْحَبَّةَ الْخَضْرَاءَ.

وَقِيلَ: كَانَتْ مِنْ سَوِيقِ الْمُقْلِ (٣) .

وَقِيلَ: كَانَتِ الْأُدْمَ وَالنِّعَالَ (٤) .

{فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ} أَيْ: أَعْطِنَا مَا كُنْتَ تُعْطِينَا قَبْلُ بِالثَّمَنِ الْجَيِّدِ الْوَافِي.

{وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} أَيْ: تَفَضَّلْ عَلَيْنَا بِمَا بَيْنَ الثَّمَنَيْنِ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ وَلَا تَنْقُصْنَا. هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ.

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَالضَّحَّاكُ: وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا بِرَدِّ أَخِينَا إِلَيْنَا (٥) .

{إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي} يُثِيبُ، {الْمُتَصَدِّقِينَ} .

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَمْ يَقُولُوا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِيكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مُؤْمِنٌ.

وَسُئِلَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: هَلْ حُرِّمَتِ الصَّدَقَةُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ سِوَى نَبِيِّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؟ فَقَالَ سُفْيَانُ: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} (٦) ، يُرِيدُ أَنَّ الصَّدَقَةَ كَانَتْ حَلَالًا لَهُمْ.

وَرُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ تَصَدَّقْ عَلَيَّ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَتَصَدَّقُ وَإِنَّمَا يَتَصَدَّقُ مَنْ يَبْغِي الثَّوَابَ، قُلِ: اللَّهُمَّ أَعْطِنِي أَوْ تَفَضَّلْ عَلَيَّ (٧) .


(١) الدراهم التي ظهر فيها غش ورداءة.
(٢) "الخلق": البالي. "الغرائر": جمع غرارة، وهي وعاء من خيش ونحوه يوضع فيه القمح ونحوه، وهو أكبر من الجوالق. انظر: المعجم الوسيط: ٢ / ٦٤٨.
(٣) المقل: حمل الدوم: والدوم يشبه النخل.
(٤) قال الطبري في معنى "وجئنا ببضاعة مزجاة": بدراهم، أو ثمن لا يجوز في ثمن الطعام إلا لمن يتجاوز فيها ... واختلف أهل التأويل في البيان عن تأويل ذلك، وإن كانت معاني بيانهم متقاربة". التفسير: ١٦ / ٢٣٤، ٢٣٥.
(٥) قال الطبري تعقيبا على ما ذكره ابن جريج: وهذا القول وإن كان قولا له وجه، فليس بالقول المختار ... لأن الصدقة في متعارف العرب إنما هي: إعطاء الرجل ذا حاجة بعض أملاكه ابتغاء ثواب الله عليه، وإن كان كل معروف صدقة. فتوجيه تأويل كلام الله إلى الأغلب من معناه في كلام من نزل القرآن بلسانه = أولى وأحرى.
(٦) أخرجه الطبري: ١٦ / ٢٤٢. ورده ابن عطية بحديث (نحن معاشر الأنبياء لا تحل لنا الصدقة) انظر: المحرر الوجيز: ٨ / ٦٣.
(٧) وبمثله قال مجاهد، فقد سئل: هل يكره أن يقول الرجل في دعائه اللهم تصدق علي؟ فقال: نعم، إنما الصدقة لمن يبغي الثواب. انظر: الطبري: ١٦ / ٢٤٣، الدر المنثور: ٤ / ٥٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>