للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} يَعْنِي يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ.

{وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: يَدْفَعُونَ بِالصَّالِحِ مِنَ الْعَمَلِ السَّيِّئَ مِنَ الْعَمَلِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (هُودٍ -١١٤) . وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَاعْمَلْ بِجَنْبِهَا حَسَنَةً تَمْحُهَا، السِّرُّ بِالسِّرِّ وَالْعَلَانِيَةُ بِالْعَلَانِيَةِ" (١) .

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِسَائِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْخَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مَثَلَ الَّذِي يَعْمَلُ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ يَعْمَلُ الْحَسَنَاتِ كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَتْ عَلَيْهِ دِرْعٌ ضَيِّقَةٌ قَدْ خَنَقَتْهُ، ثُمَّ عَمِلَ حَسَنَةً، فَانْفَكَّتْ عَنْهُ حَلْقَةً، ثُمَّ عَمِلَ أُخْرَى فَانْفَكَّتْ أُخْرَى، حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى الْأَرْضِ" (٢) .

وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: مَعْنَى الْآيَةِ: يَدْفَعُونَ الذَّنْبَ بِالتَّوْبَةِ.

وَقِيلَ: لَا يُكَافِئُونَ الشَّرَّ بِالشِّرِّ، وَلَكِنْ يَدْفَعُونَ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ.

وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: مَعْنَاهُ: إِذَا سُفِهَ عَلَيْهِمْ حَلِمُوا، فَالسَّفَهُ: السَّيِّئَةُ، وَالْحِلْمُ: الْحَسَنَةُ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: رَدُّوا عَلَيْهِمْ مَعْرُوفًا، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (الْفُرْقَانِ -٦٣) .

وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا حُرِمُوا أَعْطَوْا، وَإِذَا ظُلِمُوا عَفَوْا، وَإِذَا قُطِعُوا وَصَلُوا.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: هَذِهِ ثَمَانِ خِلَالٍ مُشِيرَةٌ إِلَى ثَمَانِيَةِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ.

{أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} يَعْنِي الْجَنَّةَ، أَيْ: عَاقِبَتُهُمْ دَارُ الثَّوَابِ. ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَقَالَ: {جَنَّاتِ عَدْنٍ} .

{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) } .

{جَنَّاتُ عَدْنٍ} بساتين إقامة، ١٩٠/ب {يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ}


(١) أخرجه الإمام أحمد: ٥ / ١٦٩، قال الهيثمي في المجمع: (١٠ / ٨١) : "رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن شهر بن عطية حَدَّثَ به عن أشياخه عن أبي ذر، ولم يسَمِّ أحدا. وروى الإمام أحمد عن عطاء مرسلا في "الزهد": إذا عملت سيئة فأحدث عندها توبة: السر بالسر، والعلانية بالعلانية". قال العراقي: وفيه انقطاع. انظر: فيض القدير: ١ / ٤٠٦.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ٤ / ١٤٥، وعزاه الهيثمي للطبراني، وقال: "وأحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح". وأخرجه المصنف في شرح السنة: ١٤ / ٣٣٩. وفيه ابن لهيعة. وانظر: مجمع الزوائد: ١٠ / ٢٠١-٢٠٢، فيض القدير للمناوي: ٢ / ٥٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>