للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (٣٥) وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦) } .

{لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} بِالْقَتْلِ وَالْأَسْرِ، {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ} أَشَدُّ، {وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ} مَانِعٍ يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ.

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} أَيْ: صِفَةُ الْجَنَّةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} (النَّحْلُ -٦٠) أَيْ: الصِّفَةُ الْعُلْيَا، {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} أَيْ: صِفَةُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ أَنَّ الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا.

وَقِيلَ: "مَثَلُ" صِلَةٌ مَجَازُهَا "الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ".

{أُكُلُهَا دَائِمٌ} أَيْ: لَا يَنْقَطِعُ ثَمَرُهَا وَنَعِيمُهَا، {وَظِلُّهَا} أَيْ: ظِلُّهَا ظَلِيلٌ، لَا يَزُولُ، وَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا إِنَّ نَعِيمَ الْجَنَّةِ يَفْنَى (١) .

{تِلْكَ عُقْبَى} أَيْ: عَاقِبَةُ {الَّذِينَ اتَّقَوْا} يَعْنِي: الْجَنَّةَ، {وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ} .

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} يَعْنِي: الْقُرْآنَ، وَهُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


(١) قال شارح الطحاوية عند قول الطحاوي: "والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان أبدا ولا تبيدان ... " قال: ص (٤٩١-٤٩٣) . "فأما أبدية الجنة، وأنها لا تفنى ولا تبيد، فهذا مما يعلم بالضرورة أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر به، قال تعالى: (وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) أي غير مقطوع. وقد أكد الله خلود أهل الجنة بالتأبيد في عدة مواضع من القرآن، وأخبر أنهم: (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) (الدخان - ٥٦) . والأدلة من السنة على أبدية الجنة ودوامها كثيرة، كقوله: "من يدخل الجنة ينعم ولا ييئس، ويخلد ولا يموت" (رواه مسلم) ، وقوله: "ينادي مناد: يا أهل الجنة إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وأن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وأن تحيوا فلا تموتوا أبدا" (رواه مسلم) .

<<  <  ج: ص:  >  >>