للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: الْعَدْلُ اسْتِوَاءُ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَ"الْإِحْسَانُ" أَنْ تَكُونَ سَرِيرَتُهُ أَحْسَنَ مِنْ عَلَانِيَتِهِ، وَ"الْفَحْشَاءُ وَالْمُنْكَرُ" أَنْ تَكُونَ عَلَانِيَتُهُ أَحْسَنَ مِنْ سَرِيرَتِهِ.

{يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} تَتَّعِظُونَ.

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَجْمَعُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الْآيَةُ (١) .

وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ عَلَى الْوَلِيدِ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ أخي أعد فعاد عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ لَهُ وَاللَّهِ لَحَلَاوَةً وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً وَإِنَّ أَعْلَاهُ لَمُثْمِرٌ وَإِنَّ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ الْبَشَرِ (٢) .

{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٩١) وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٩٢) }

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} وَالْعَهْدُ هَاهُنَا هُوَ: الْيَمِينُ.

قَالَ الشَّعْبِيُّ: الْعَهْدُ يَمِينٌ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} تَشْدِيدِهَا، فَتَحْنَثُوا فِيهَا، {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} شَهِيدًا بِالْوَفَاءِ.

{إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَإِنْ كَانَ حُكْمُهَا عَامًّا؟.

قِيلَ: نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالْوَفَاءِ بِهَا (٣) .

وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: نَزَلَتْ فِي حِلْفِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ (٤) .

ثُمَّ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِنَقْضِ الْعَهْدِ فَقَالَ: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ} {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ} أَيْ: مِنْ بَعْدِ غَزْلِهِ وَإِحْكَامِهِ.

قَالَ الْكَلْبِيُّ، وَمُقَاتِلٌ: هِيَ امْرَأَةٌ خَرْقَاءُ حَمْقَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ، يُقَالُ لَهَا "رَيْطَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ


(١) انظر: الدر المنثور: ٥ / ١٦٠، ففيه جملة آثار في ذلك.
(٢) انظر: سيرة ابن هشام: ١ / ٢٧٠.
(٣) أخرجه ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مزيدة بن جابر. انظر: الدر المنثور: ٥ / ١٦١، زاد المسير: ٤ / ٤٨٤.
(٥) المرجع السابق

<<  <  ج: ص:  >  >>