للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا قَالَ: "وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" (الْمَائِدَةِ-٦٧)

{وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ مِنَ الْعَجَائِبِ وَالْآيَاتِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (١) وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ وَمَسْرُوقٍ وَقَتَادَةَ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَالْأَكْثَرِينَ (٢) وَالْعَرَبُ تقول: رأيت بعين رُؤْيَةً وَرُؤْيَا فَلَمَّا ذَكَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ وَكَذَّبُوا فَكَانَ فِتْنَةً لِلنَّاسِ.

وَقَالَ قَوْمٌ: [أُسْرِيَ بِرُوحِهِ دُونَ بَدَنِهِ (٣) .

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ لَهُ مِعْرَاجَانِ: مِعْرَاجُ رُؤْيَةٍ بِالْعَيْنِ وَمِعْرَاجُ رُؤْيَا بِالْقَلْبِ.

وَقَالَ قَوْمٌ] (٤) . أَرَادَ بِهَذِهِ الرُّؤْيَا مَا رَأَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ أَنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ هو وأصحابه فجعل السَّيْرَ إِلَى مَكَّةَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَصَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ فَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَ رُجُوعُهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ بَعْدَمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ يَدْخُلُهَا فِتْنَةً لِبَعْضِهِمْ حَتَّى دَخَلَهَا فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: "لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ" (الْفَتْحِ-٢٧) (٥) .

{وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} يَعْنِي شَجَرَةَ الزَّقُّومِ، مَجَازُهُ: وَالشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْقُرْآنِ وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ طَعَامٍ كَرِيهٍ: طَعَامٌ مَلْعُونٌ. وَقِيلَ: [مَعْنَاهُ الْمَلْعُونُ] (٦) آكِلُهَا وَنُصِبَ الشَّجَرَةُ عَطْفًا عَلَى الرُّؤْيَا أَيْ: وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ فَكَانَتِ الْفِتْنَةُ فِي الرُّؤْيَا مَا ذَكَرْنَا.

وَالْفِتْنَةُ فِي الشَّجَرَةِ الْمَلْعُونَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَبَا جَهْلٍ قَالَ: إِنَّ ابْنَ أَبِي كَبْشَةَ يُوعِدُكُمْ بِنَارٍ تُحْرِقُ الْحِجَارَةَ ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَنْبُتُ فِيهَا شَجَرَةٌ وَتَعْلَمُونَ أَنَّ النَّارَ تُحْرِقُ الشَّجَرَةَ.

وَالثَّانِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزِّبَعْرَى قَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا يُخَوِّفُنَا بِالزَّقُّومِ وَلَا نَعْرِفُ الزَّقُّومَ إِلَّا الزُّبْدَ وَالتَّمْرَ وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا جَارِيَةُ تَعَالِي فَزَقِّمِينَا فَأَتَتْ بِالتَّمْرِ وَالزُّبْدِ فَقَالَ: يَا قَوْمُ [تَزَقَّمُوا] (٧) فَإِنَّ هَذَا مَا يُخَوِّفُكُمْ بِهِ مُحَمَّدٌ فَوَصَفَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الصَّافَّاتِ (٨) .


(١) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٢) أخرجه البخاري عن ابن عباس في تفسير سورة الإسراء: ٨ / ٣٩٨.
(٣) راجع فيما سبق من تفسير السورة: ص ٥٨ تعليق (٣) .
(٤) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٥) انظر هذه الأقوال في تأويل الرؤيا في الدر المنثور: ٥ / ٣٠٩-٣١٠، زاد المسير: ٥ / ٥٣-٥٤.
(٦) ساقط من "أ".
(٧) ساقط من "ب".
(٨) انظر: أسباب النزول للواحدي ص (٣٣٤) الدر المنثور: ٥ / ٣١٠-٣١١ زاد المسير: ٥ / ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>