للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ عُمْيٌ وَبُكْمٌ وَصُمٌّ وَقَدْ قَالَ: "وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ" (الْكَهْفِ-٥٣) وَقَالَ: "دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا" (الْفُرْقَانِ-١٣) وَقَالَ: "سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا" (الْفُرْقَانِ-١٢) أَثْبَتَ الرُّؤْيَةَ وَالْكَلَامَ وَالسَّمْعَ؟

قِيلَ: يُحْشَرُونَ عَلَى مَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ تُعَادُ إِلَيْهِمْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ.

وَجَوَابٌ آخَرُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عُمْيًا لَا يَرَوْنَ مَا يَسُرُّهُمْ بُكْمًا لَا يَنْطِقُونَ بِحُجَّةٍ صُمًّا لَا يَسْمَعُونَ شَيْئًا يَسُرُّهُمْ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: هَذَا حِينَ يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْقِفِ إِلَى أَنْ يَدْخُلُوا النَّارَ.

وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هَذَا حِينَ يُقَالُ لَهُمْ: "اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ" (الْمُؤْمِنُونَ-١٠٨) فَيَصِيرُونَ بِأَجْمَعِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا لَا يَرَوْنَ وَلَا يَنْطِقُونَ وَلَا يَسْمَعُونَ {مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلَّمَا سَكَنَتْ أَيْ سَكَنَ لَهِيبُهَا وَقَالَ مُجَاهِدٌ: طُفِئَتْ وَقَالَ قَتَادَةُ: ضَعُفَتْ وَقِيلَ: هُوَ الْهُدُوُّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجَدَ نُقْصَانٌ فِي أَلَمِ الْكُفَّارِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: "لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ" (الزُّخْرُفُ-٧٥) وَقِيلَ "كُلَّمَا خَبَتْ" أَيْ: أَرَادَتْ أَنْ تَخْبُوَ {زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} أَيْ: وَقُودًا.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: {كُلَّمَا خَبَتْ} أَيْ: نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ وَاحْتَرَقَتْ أُعِيدُوا فِيهَا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ وَزَيْدَ فِي تَسْعِيرِ النَّارِ لِتَحْرِقَهُمْ.

{ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (٩٨) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا (٩٩) }

{ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ} {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ} فِي عَظَمَتِهَا وَشِدَّتِهَا {قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} فِي صِغَرِهِمْ وَضَعْفِهِمْ نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تعالى: "لخلق السموات وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ" (غَافِرٍ-٥٧) .

{وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا} أَيْ: وَقْتًا لِعَذَابِهِمْ {لَا رَيْبَ فِيهِ} أَنَّهُ يَأْتِيهِمْ قِيلَ: هُوَ الْمَوْتُ وَقِيلَ: هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ {فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا} أَيْ: جُحُودًا وَعِنَادًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>