للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (٥٤) }

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَوْمَ يَقُولُ} قَرَأَ حَمْزَةُ بِالنُّونِ وَالْآخَرُونَ بِالْيَاءِ أَيْ: يَقُولُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: {نَادُوا شُرَكَائِيَ} يَعْنِي الْأَوْثَانَ {الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} أَنَّهُمْ شُرَكَائِي {فَدَعَوْهُمْ} فَاسْتَغَاثُوا بِهِمْ {فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} أَيْ: لَمْ يُجِيبُوهُمْ وَلَمْ يَنْصُرُوهُمْ {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ} يَعْنِي: بَيْنَ الْأَوْثَانِ وَعَبَدَتِهَا. وَقِيلَ: بَيْنَ أَهْلِ الْهُدَى وَأَهْلِ الضَّلَالَةِ، {مَوْبِقًا} مَهْلِكًا قَالَهُ عَطَاءٌ وَالضَّحَاكُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ وَادٍ فِي النَّارِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ نَهْرٌ فِي النَّارِ يَسِيلُ نَارًا عَلَى حَافَّتِهِ حَيَّاتٌ مِثْلُ الْبِغَالِ الدُّهْمِ.

قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: وَكُلُّ حَاجِزٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَهُوَ مَوْبِقٌ وَأَصْلُهُ الْهَلَاكُ يُقَالُ: أَوْبَقَهُ أَيْ: أَهْلَكَهُ.

قَالَ الْفَرَّاءُ: وَجَعَلْنَا تَوَاصُلَهُمْ فِي الدُّنْيَا مُهْلِكًا لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَالْبَيْنُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ التَّوَاصُلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنُكُمْ" الْأَنْعَامِ-٩٤. عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِالرَّفْعِ (١) . {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ} أَيِ: الْمُشْرِكُونَ {فَظَنُّوا} أَيْقَنُوا {أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} دَاخِلُوهَا وَوَاقِعُونَ فِيهَا {وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} مَعْدِلًا لِأَنَّهَا أَحَاطَتْ بِهِمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا} بَيَّنَّا {فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} أَيْ لِيَتَذَكَّرُوا وَيَتَّعِظُوا {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} خُصُومَةً فِي الْبَاطِلِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَادَ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ وَجِدَالَهُ فِي الْقُرْآنِ.

قَالَ الْكَلْبِيُّ: أَرَادَ بِهِ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ الْجُمَحِيَّ (٢) .

وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ الْكُفَّارُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ" (الْكَهْفِ-٥٦) .

وَقِيلَ: هِيَ عَلَى الْعُمُومِ، وَهَذَا أَصَحُّ.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّ


(١) انظر في هذه الأقوال: زاد المسير: ٥ / ١٥٨-١٥٩.
(٢) زاد المسير: ٥ / ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>