للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢) }

{وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا} قَالَ الْكَلْبِيُّ: الْمَالُ وَالْوَلَدُ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، قَالُوا: مَا بُسِطَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ سَعَةِ الرِّزْقِ. وَقِيلَ: الْكِتَابُ وَالنُّبُوَّةُ.

{وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} ٨/أيَعْنِي ثَنَاءً حَسَنًا رَفِيعًا فِي كُلِّ أَهْلِ الْأَدْيَانِ، فَكُلُّهُمْ يَتَوَلَّوْنَهُمْ، وَيُثْنُونَ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا} غَيْرَ مُرَاءٍ أَخْلَصَ الْعِبَادَةَ وَالطَّاعَةَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (١) وَقَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ " مُخْلَصًا " بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ: مُخْتَارًا اخْتَارَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقِيلَ: أَخْلَصَهُ اللَّهُ مِنَ الدَّنَسِ. {وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ} يَعْنِي: يَمِينَ مُوسَى (٢) وَالطَّورُ: جَبَلٌ بَيْنَ مِصْرَ وَمَدْيَنَ. وَيُقَالُ: اسْمُهُ "الزُّبَيْرُ" وَذَلِكَ حِينَ أَقْبَلَ مِنْ مَدْيَنَ وَرَأَى النَّارَ فَنُودِيَ "يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" (القَصَصِ:٣٠) .

{وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} أَيْ" مُنَاجِيًا، فَالنَّجِيُّ الْمُنَاجِي، كَمَا يُقَالُ: جَلِيسٌ وَنَدِيمٌ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَعْنَاهُ: قَرَّبَهُ فَكَلَّمَهُ، وَمَعْنَى التَّقْرِيبِ: إِسْمَاعُهُ كَلَامَهُ.


(١) هذا التفسير لقراءة "مخلصا" بكسر اللام ثم قال المصنف "وقرأ أهل الكوفة.. بفتح اللام.." فكأن الأصل أنه قدم القراءة بكسر اللام وفسر الآية عليها أولا.
(٢) نقل ابن الجوزي في "زاد المسير": (٥ / ٢٣٩) عن ابن الأنباري قال: "إنما خاطب الله العرب بما يستعملون في لغتهم، ومن كلامهم: عن يمين القبلة وشمالها، يعنون: مما يلي يمين المستقبل لها وشماله، فنقلوا الوصف إلى ذلك اتساعا عند انكشاف المعنى، لأن الوادي لا يد له فيكون له يمين. وقال المفسرون: جاء النداء عن يمين موسى، فلهذا قال: "الأيمن" ولم يرد به يمين الجبل".

<<  <  ج: ص:  >  >>