للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ: {وَإِسْرَائِيلَ} أَيْ: وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْرَائِيلَ وَهُمْ مُوسَى وَهَارُونُ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى.

قَوْلُهُ: {وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا} هَؤُلَاءِ كَانُوا مِمَّنْ أَرْشَدْنَا وَاصْطَفَيْنَا {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} "سُجَّدًا": جَمْعُ سَاجِدٍ "وَبُكِيًّا": جَمْعُ بَاكٍ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَانُوا إِذَا سَمِعُوا بِآيَاتِ اللَّهِ سَجَدُوا وَبَكَوْا.

{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) }

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} ٨/ب أَيْ: مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّينَ الْمَذْكُورِينَ خَلْفٌ وَهُمْ قَوْمُ سُوءٍ، "وَالْخَلَفُ" -بِالْفَتْحِ-الصَّالِحُ، وَبِالْجَزْمِ الطَّالِحُ (١) .

قَالَ السُّدِّيُّ: أَرَادَ بِهِمُ الْيَهُودَ وَمَنْ لَحِقَ بِهِمْ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: هُمْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ (٢) .


(١) وهو قول ابن الأعرابي واستشهدوا له بقول لبيد: ذهب الذين يعاشر في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
ومنه قيل للردي من الكلام: خلف. ومنه المثل السائِر: "سكت ألفا ونطق خلفا". فخلف في الذم بالإسكان وخلف بالفتح في المدح هذا هو المستعمل المشهور. قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له". (رواه البيهقي، وقال الإمام أحمد: لا بأس به) . وقد يستعمل كل واحد منهما موضع الآخر، قال حسان بن ثابت: لنا القدم الأولى إليك وخلف ... لأولنا في طاعة الله تاب
وقال آخر: إنا وجدنا خلفا بئس الخلف ... أغلق عنا بابه ثم حلف
لا يدخل البواب إلا من عرف ... عبدا إذا ما ناء بالحمل وقف
انظر: "تفسير القرطبي": ٧ / ٣١٠-٣١١، وراجع فيما سبق، تفسير سورة الأعراف، الآية (١٦٩) .
(٢) انظر: "تفسير القرطبي": ١١ / ١٢٢، "زاد المسير": ٥ / ٢٤٥، وساق السيوط جملة روايات في ذلك: ٥ / ٥٢٦. وكونهم من أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس بوجيه -عند الشيخ الشنقيطي- لأن قوله تعالى: "فخلف من بعدهم" صيغة تدل على الوقوع في الزمن الماضي، ولا يمكن صرفها إلى المستقبل إلا بدليل يجب الرجوع إليه كما ترى والظاهر أنهم اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار الذين خلفوا أنبياءهم وصالحيهم قبل نزول الآية فأضاعوا الصلاة واتبعوا الشهولت. وعلى كل حال فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات يدخلون في الذم والوعيد المذكور في هذه الآية واتباع الشهوات المذكور في الآية عام في اتباع كل مشتهى يشغل عن ذكر الله وعن الصلاة. انظر: "أضواء البيان" ٤ / ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>