للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} يَعْنِي قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي عَمَلًا صَالِحًا قَدَّمَهُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: أَعُهِدَ إِلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟

{كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (٨٠) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) }

{كَلَّا} رَدَّ عَلَيْهِ يَعْنِي: لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ {سَنَكْتُبُ} سَنَحْفَظُ عَلَيْهِ {مَا يَقُولُ} [فَنُجَازِيهِ بِهِ فِي الْآخِرَةِ. وَقِيلَ: نَأْمُرُ بِهِ الْمَلَائِكَةَ حَتَّى يَكْتُبُوا مَا يَقُولُ] (١) . {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا} أَيْ: نَزِيدُهُ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ. وَقِيلَ: نُطِيلُ مُدَّةَ عَذَابِهِ. {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} أَيْ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْمَالِ وَالْوَلَدِ بِإِهْلَاكِنَا إِيَّاهُ وَإِبْطَالِ مُلْكِهِ وَقَوْلُهُ مَا يَقُولُ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ لَهُ مَالًا وَوَلَدًا "فِي الْآخِرَةِ" (٢) أَيْ لَا نُعْطِيهِ وَنُعْطِي غَيْرَهُ فَيَكُونُ الْإِرْثُ رَاجِعًا إِلَى مَا تَحْتَ الْقَوْلِ لَا إِلَى نَفْسِ الْقَوْلِ.

وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} أَيْ: نَحْفَظُ مَا يَقُولُ حَتَّى نُجَازِيَهُ بِهِ.

{وَيَأْتِينَا فَرْدًا} يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلَا مَالٍ وَلَا وَلَدٍ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً} يَعْنِي: مُشْرِكِي قُرَيْشٍ اتَّخَذُوا الْأَصْنَامَ آلِهَةً يَعْبُدُونَهَا {لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا} أَيْ مَنَعَةً حَتَّى يَكُونُوا لَهُمْ شُفَعَاءَ يَمْنَعُونَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ. {كَلَّا} أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمُوا {سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ} أَيْ تَجْحَدُ الْأَصْنَامُ وَالْآلِهَةُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عبادة المشركين ويتبرؤون مِنْهُمْ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى "تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ" (الْقَصَصِ:٦٣) .

{وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} أَيْ أَعْدَاءً لَهُمْ وَكَانُوا أَوْلِيَاءَهُمْ فِي الدُّنْيَا.

وَقِيلَ: أَعْوَانًا عَلَيْهِمْ يُكَذِّبُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَهُمْ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ} أَيْ سَلَّطْنَاهُمْ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ حِينَ قَالَ لِإِبْلِيسَ: "وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ" الْآيَةَ (الإِسْرَاءِ-٦٤) } {تَؤُزُّهُمْ أَزًّا}


(١) ساقط من "أ".
(٢) ساقط من "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>