للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَمَا تُحَرِّكُهَا، وَلَا تُثِيرُ تُرَابًا وَلَا تُؤْذِي طَائِرًا. قَالَ وَهْبٌ: ذُكِرَ لِي أَنْ مَنْزِلًا بِنَاحِيَةِ دِجْلَةَ مَكْتُوبٌ فِيهِ [كَتَبَهُ] (١) بَعْضُ صَحَابَةِ سُلَيْمَانَ إِمَّا مِنَ الْجِنِّ وَإِمَّا مِنَ الْإِنْسِ نَحْنُ نَزَلْنَاهُ وَمَا بَنَيْنَاهُ مَبْنِيًّا وَجَدْنَاهُ، غَدَوْنَا مِنْ إِصْطَخْرَ فَقُلْنَاهُ وَنَحْنُ رَائِحُونَ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَبَائِتُونَ بِالشَّامِ (٢) .

قَالَ مُقَاتِلٌ: نَسَجَتِ الشَّيَاطِينُ لِسُلَيْمَانَ بِسَاطًا فَرْسَخًا فِي فَرْسَخٍ ذَهَبَا فِي إِبْرَيْسَمٍ، وَكَانَ يُوضَعُ لَهُ مِنْبَرٌ مِنَ الذَّهَبِ فِي وَسَطِ الْبِسَاطِ فَيَقْعُدُ عَلَيْهِ، وَحَوْلَهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ كُرْسِيٍّ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، يَقْعُدُ الْأَنْبِيَاءُ عَلَى كَرَاسِيِّ الذَّهَبِ، وَالْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاسِيِّ الْفِضَّةِ، وَحَوْلَهُمُ النَّاسُ، وَحَوْلَ النَّاسِ الْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ، وَتُظِلُّهُ الطَّيْرُ بِأَجْنِحَتِهَا لَا تَقَعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وَتَرْفَعُ رِيحُ الصِّبَا الْبِسَاطَ مَسِيرَةَ شَهْرٍ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الرَّوَاحِ وَمِنَ الرَّوَاحِ إِلَى الصَّبَاحِ (٣)

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ يُوضَعُ لِسُلَيْمَانَ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ كُرْسِيٍّ فَيَجْلِسُ الْإِنْسُ فِيمَا يَلِيهِ ثُمَّ يَلِيهِمُ الْجِنُّ ثُمَّ تُظِلُّهُمُ الطَّيْرُ ثُمَّ تَحْمِلُهُمُ الرِّيحُ (٤) .

وَقَالَ الْحَسَنُ: لَمَّا شَغَلَتِ الْخَيْلُ نَبِيَّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ غَضِبَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَعَقَرَ الْخَيْلَ فَأَبْدَلَهُ اللَّهُ مَكَانَهَا خَيْرًا مِنْهَا، وَأَسْرَعُ الرِّيحِ تَجْرِي بِأَمْرِهِ كَيْفَ شَاءَ، فَكَانَ يَغْدُو مِنْ إِيلِيَاءَ فَيُقِيلُ بإِصْطَخْرَ، ثم يروح ١٩/أمِنْهَا فَيَكُونُ رَوَاحُهَا بِبَابِلَ (٥) .

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: كَانَ لَهُ مَرْكَبٌ مِنْ خَشَبٍ وَكَانَ فِيهِ أَلْفُ رُكْنٍ فِي كُلِّ رُكْنٍ أَلْفُ بَيْتٍ يَرْكَبُ مَعَهُ فِيهِ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ، تَحْتَ كُلِّ رُكْنٍ أَلْفُ شَيْطَانٍ يَرْفَعُونَ ذَلِكَ الْمَرْكَبَ، وَإِذَا ارْتَفَعَ أَتَتِ الرِّيحُ الرُّخَاءُ فَسَارَتْ بِهِ وَبِهِمْ، يُقِيلُ عِنْدَ قَوْمٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ شَهْرٌ وَيُمْسِي عِنْدَ قَوْمٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ شَهْرٌ، لَا يَدْرِي الْقَوْمُ إِلَّا وَقَدْ أَظَلَّهُمْ مَعَهُ الْجُيُوشُ (٦) .

[وَرُوِيَ أَنَّ سُلَيْمَانَ سَارَ مَنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ غَادِيًا فَقَالَ بِمَدِينَةِ مَرْوٍ، وَصَلَّى الْعَصْرَ بِمَدِينَةِ بَلْخٍ، تَحْمِلُهُ وَجُنُودَهُ الرِّيحُ، وَتُظِلُّهُمُ الطَّيْرُ، ثُمَّ سَارَ مِنْ مَدِينَةِ بَلْخٍ مُتَخَلِّلًا بِلَادَ التُّرْكِ، ثُمَّ جَاءَهُمْ إِلَى بِلَادِ الصِّينِ يَغْدُو عَلَى مَسِيرَةِ شَهْرٍ وَيُرَوِّحُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، ثُمَّ عَطَفَ يُمْنَةً عَنْ مَطْلِعِ الشمس عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ حَتَّى أَتَى عَلَى أَرْضِ القُنْدُهَارَ، وَخَرَجَ مِنْهَا إِلَى أَرْضِ مُكْرَانَ وَكَرِمَانَ، ثُمَّ جَاوَزَهَا حَتَّى أَتَى أَرْضَ


(١) ساقط من "أ".
(٢) أخرجه الطبري: ١٧ / ٥٥ - ٥٦.
(٣) انظر: البحر المحيط: ٦ / ٣٣٣.
(٤) ذكره ابن كثير في تفسيره: ٣ / ١٨٨.
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور: ٦ / ٦٧٧ لعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور: ٥ / ٦٥١ لابن أبي حاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>