للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَعَاصِي اللَّهِ وَمَا نَهَى عَنْهُ، وَتَعْظِيمُهَا تَرْكُ مُلَابَسَتِهَا. قَالَ اللَّيْثُ: حُرُمَاتُ اللَّهِ مَا لَا يَحِلُّ انْتِهَاكُهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْحُرْمَةُ مَا وَجَبَ الْقِيَامُ بِهِ وَحَرُمَ التَّفْرِيطُ فِيهِ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَعْنَى الْحُرُمَاتِ هَاهُنَا: الْمَنَاسِكُ، بِدَلَالَةِ مَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنَ الْآيَاتِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْحُرُمَاتُ هَاهُنَا: الْبَيْتُ الْحَرَامُ، وَالْبَلَدُ الْحَرَامُ وَالشَّهْرُ الْحَرَامُ، وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، وَالْإِحْرَامُ (١) . {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} أَيْ: تَعْظِيمُ الْحُرُمَاتِ، خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ.

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ} أَنْ تَأْكُلُوهَا إِذَا ذَبَحْتُمُوهَا وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} تَحْرِيمُهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} (المَائِدَةِ: ٣) ، الْآيَةَ، {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} أَيْ: عِبَادَتَهَا، يَقُولُ: كُونُوا عَلَى جَانِبٍ مِنْهَا فَإِنَّهَا رِجْسٌ، أَيْ: سَبَبُ الرِّجْسِ، وَهُوَ الْعَذَابُ، وَالرِّجْسُ: بِمَعْنَى الرِّجْزِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: {مِنْ} هَاهُنَا لِلتَّجْنِيسِ أَيْ: اجْتَنِبُوا الْأَوْثَانَ الَّتِي هِيَ رِجْسٌ، {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} يَعْنِي: الْكَذِبَ وَالْبُهْتَانَ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: شَهَادَةُ الزُّورِ، وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ بِالشِّرْكِ بِاللَّهِ"، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ (٢) . وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ الْمُشْرِكِينَ فِي تَلْبِيَتِهِمْ: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ.


(١) انظر الطبري: ١٧ / ١٥٣.
(٢) أخرجه أبو داود في الأقضية، باب في شهادة الزور: ٥ / ٢١٧، والترمذي في الشهادات ٦ / ٥٨٥، وقال: (هذا حديث إنما نعرفه من حديث سفيان بن زياد - يعني حديث خريم بن فاتك - وقد اختلفوا في رواية هذا الحديث عن سفيان بن زياد ولا نعرف لأيمن بن خريم سماعا من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . وابن ماجه في الأحكام، باب: شهادة الزور رقم (٢٣٧٢) ، ٢ / ٧٩٤، والإمام أحمد: ٤ / ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>