للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْضٍ، {فَتَرَى الْوَدْقَ} يَعْنِي الْمَطَرَ، {يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} وَسَطِهِ وَهُوَ جَمْعُ الْخَلَلِ، كَالْجِبَالِ جَمْعِ الْجَبَلِ. {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} يَعْنِي: يُنَزِّلُ الْبَرَدَ، وَ"مِنْ" صِلَةٌ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ، أَيْ: مِقْدَارَ جِبَالٍ فِي الْكَثْرَةِ مِنَ الْبَرَدِ، وَ"مِنْ" فِي قَوْلِهِ "مِنْ جِبَالٍ" صِلَةٌ، أَيْ: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ جِبَالًا مِنْ بَرَدٍ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَيُنَزِّلُ مِنْ جِبَالٍ فِي السَّمَاءِ تِلْكَ الْجِبَالُ مِنْ بَرَدٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ فِي السَّمَاءِ جِبَالًا مِنْ بَرَدٍ، وَمَفْعُولُ الْإِنْزَالِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا بَرَدٌ، فَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْمَفْعُولِ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ. قَالَ أَهْلُ النَّحْوِ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى "مِنْ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقَوْلُهُ "مِنَ السَّمَاءِ" لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِنْزَالِ مِنَ السَّمَاءِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى "مِنْ جِبَالٍ" لِلتَّبْعِيضِ لِأَنَّ مَا يُنْزِلُهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضُ تِلْكَ الْجِبَالِ الَّتِي فِي السَّمَاءِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "مِنْ بَرَدٍ" لِلتَّجْنِيسِ لِأَنَّ تِلْكَ الْجِبَالَ مَنْ جِنْسِ الْبَرَدِ. {فَيُصِيبُ بِهِ} يَعْنِي بِالْبَرَدِ {مَنْ يَشَاءُ} فَيُهْلِكُ زُرُوعَهُ وَأَمْوَالَهُ، {وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ} فَلَا يَضُرُّهُ، {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ} يَعْنِي ضَوْءَ بَرْقِ السَّحَابِ، {يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} شِدَّةُ ضَوْئِهِ وَبَرِيقِهِ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: "يُذْهِبُ" بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>