للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِرَائِحَتِهِ يَجُوزُ الطِّهَارَةُ بِهِ، لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ لِلْمُجَاوِرَةِ لَا لِلْمُخَالَطَةِ. وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يُمْكِنُ صَوْنُ الْمَاءِ مِنْهُ وَيُخَالِطُهُ كَالْخَلِّ وَالزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهِمَا تَزُولُ [طَهُورِيَّتُهُ فَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ. وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَحَدُ أَوْصَافِهِ، يَنْظُرُ: إِنْ كَانَ الْوَاقِعُ فِيهِ شَيْئًا طَاهِرًا لَا تَزُولُ] (١) طَهُورِيَّتُهُ، فَتَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ فِيهِ شَيْئًا نَجِسًا، يَنْظُرُ: فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا أَقَلَّ مِنَ الْقُلَّتَيْنِ يَنْجُسُ الْمَاءُ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَهُوَ طَاهِرٌ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ. وَالْقُلَّتَانِ خَمْسُ قِرَبٍ، وَوَزْنُهُ خَمْسُمِائَةِ رَطْلٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ أَحْمَدَ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنِ الْمُنِيبِ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَاءِ يَكُونُ فِي الْفَلَاةِ وَمَا يَرِدُهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ؟ فَقَالَ: "إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَيْسَ يَحْمِلُ الْخَبَثَ" (٢) وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ: أَنَّ الْمَاءَ إِذَا بَلَغَ هَذَا الْحَدُّ لَا يَنْجُسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَحَدُ أَوْصَافِهِ (٣) .

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ لَا يَنْجُسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَالزُّهْرِيِّ. وَاحْتَجُّوا بِمَا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَارِثِ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدِ الطَّاهِرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُوَجِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْمُوَجَّهِ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بن الفضل ٤٧/أأَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ؟ وَهِيَ بئر يلقى في الْحِيَضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" (٤) .


(١) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٢) أخرجه أبو داود في الطهارة، باب ما ينجس من الماء: ١ / ٥٦، والترمذي في باب الماء لا ينجسه شيء: ١ / ٢١٥، والنسائي في باب التوقيت في الماء: ١ / ٤٦، وابن ماجه في مقدار الماء الذي لا ينجس: ١ / ١٧٢، والدارمي في الوضوء: ١ / ١٨٧، وابن خزيمة ١ / ٤٩، والشافعي في الأم: ١ / ٤، والإمام أحمد: ٢ / ٢٧.
(٣) انظر بالتفصيل: الأوسط في السنن والإجماع، لابن المنذر: ١ / ٢٦٠ وما بعدها.
(٤) أخرجه أبو داود في الطهارة، باب ما جاء في بئر بضاعة: ١ / ٧٣، والترمذي في باب ما جاء أن الماء طهور لا ينجسه شيء: ١ / ٢٠٣-٢٠٥ وقال هذا حديث حسن، وقد جود أبو أسامة هذا الحديث فلم يرو أحد حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد"، وأخرجه النسائي في باب ذكر بئر بضاعة: ١ / ١٧٤، وابن ماجه: ١ / ١٧٣، والشافعي: ١ / ١٢ من ترتيب المسند، والدارقطني: ١ / ١٣، والإمام أحمد: ٣ / ٣١، ٨٦، وصححه الحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>