للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"صَفُّورَةُ"، وَهِيَ الَّتِي ذَهَبَتْ لِطَلَبِ مُوسَى (١) ، {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} يَعْنِي: أَنْ تَكُونَ أَجِيرًا لِي ثَمَانِ سِنِينَ، قَالَ الْفَرَّاءُ: يَعْنِي: تَجْعَلُ ثَوَابِي مِنْ تَزْوِيجِهَا أَنْ تَرْعَى غَنَمِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ، تَقُولُ الْعَرَبَ: آجَرَكَ اللَّهُ بِأَجْرِكَ أَيْ: أَثَابَكَ، وَالْحِجَجُ: السُّنُونَ، وَاحِدَتُهَا حِجَّةٌ، {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} أَيْ: إِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرَ سِنِينَ فَذَلِكَ تَفَضُّلٌ مِنْكَ وَتَبَرُّعٌ، لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْكَ، {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَ عَلَيْكَ} أَيْ: أُلْزِمَكَ تَمَامَ الْعَشْرِ إِلَّا أَنْ تَتَبَرَّعَ {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} قَالَ عُمَرُ: يَعْنِي: فِي حُسْنِ الصُّحْبَةِ وَالْوَفَاءِ بِمَا قُلْتَ.

{قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٢٨) }

{قَالَ} مُوسَى، {ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ} يَعْنِي: هَذَا الشَّرْطُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَمَا شَرَطْتَ عَلَيَّ فَلَكَ وَمَا شَرَطْتَ مِنْ تَزْوِيجِ إِحْدَاهُمَا فَلِي (٢) ، وَالْأَمْرُ بَيْنَنَا، تَمَّ الْكَلَامُ، ثُمَّ قَالَ: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} يَعْنِي: أَيَّ الْأَجَلَيْنِ: وَ"مَا" صِلَةٌ، "قَضَيْتُ": أَتْمَمْتُ وَفَرَغْتُ مِنْهُ، الثَّمَانِ أَوِ الْعَشْرِ، {فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ} لَا ظُلْمَ عَلَيَّ بِأَنْ أُطَالَبَ بِأَكْثَرَ مِنْهُمَا، {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ: شَهِيدٌ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ. وَقِيلَ: حَفِيظٌ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَأَلَنِي يَهُودِيٌّ مَنْ أَهْلِ الْحِيْرَةِ: أَيُّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي حَتَّى أَقْدُمَ عَلَى خَيْرِ الْعَرَبِ (٣) فَأَسْأَلُهُ، فَقَدِمْتُ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: قَضَى أَكْثَرَهُمَا وَأَطْيَبَهُمَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ فَعَلَ (٤) وَرُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا: إِذَا سُئِلْتَ أَيُّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ فَقُلْ: خَيْرَهُمَا وَأَبَرَّهُمَا، وَإِذَا سُئِلَتَ: فَأَيُّ الْمَرْأَتَيْنِ تَزَوَّجَ؟ فَقُلِ: الصُّغْرَى مِنْهُمَا، وَهِيَ الَّتِي جَاءَتْ، فَقَالَتْ يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ، فَتَزَوَّجَ أَصْغَرَهُمَا وَقَضَى أَوْفَاهُمَا (٥) .


(١) انظر: الدر المنثور ٦ / ٤٠٨، زاد المسير: ٦ / ٢١٦-٢١٧، ابن كثير: ٣ / ٣٨٦، وليس في شيء من الأحاديث تعيين اسم الصغرى والكبرى. وسيأتي حديث أبي ذر مرفوعا في أنه تزوج الصغرى.
(٢) في "أ": علي.
(٣) في البخاري: حبر العرب.
(٤) أخرجه البخاري في الشهادات، باب من أمر بإنجاز الوعد: ٥ / ٢٨٩-٢٩٠. والمراد بقوله: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من اتصف بذلك ولم يرد شخصا بعينه.
(٥) أخرجه الطبراني في الأوسط: ٢ / ١٩، والخطيب في تاريخ بغداد: ٢ / ١٢٨.
قال الهيثمي: (٨ / ٢٠٣) : "رواه الطبراني في الصغير والأوسط، والبزار باختصار، وفي إسناد الطبراني عويد بن أبي عمران الجوني ضعفه ابن معين وغيره، ووثقه ابن حبان، وبقية رجال الطبراني ثقات" وانظر: ٧ / ٨٨ أيضا وساقه ابن كثير (٣ / ٣٨٧) من رواية البزار الذي قال: "لا نعلم يروى عن أبي ذر إلا بهذا الإسناد" وفي إسناده "عويد.." ومن حديثه رواه ابن أبي حاتم وفيه زيادة غريبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>