للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ إِلَى الْجِهَادِ فَيَقُولُ قَوْمٌ: نَذْهَبُ فَنَسْتَأْذِنُ مِنْ آبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الواحد عبد الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ، أَخْبَرَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا أَنَا أَوْلَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"، اقْرَأُوا إِنْ شِئْتُمْ {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلَاهُ" (١) .

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} وَفِي حَرْفِ أُبَيٍّ: "وَأَزْوَاجُهُ وَأُمَّهَاتُهُمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ" وَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَعْظِيمِ حَقِّهِنَّ وَتَحْرِيمِ نكاحهن على التأييد، لَا فِي النَّظَرِ إِلَيْهِنَّ وَالْخَلْوَةِ بِهِنَّ، فَإِنَّهُ حَرَامٌ فِي حَقِّهِنَّ كَمَا فِي حَقِّ الْأَجَانِبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ" (الْأَحْزَابِ-٥٣) ، وَلَا يُقَالُ لِبَنَاتِهِنَّ هُنَّ أَخَوَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا لِأِخْوَانِهِنَّ وَأَخَوَاتِهِنَّ هُمْ أَخْوَالُ الْمُؤْمِنِينَ وَخَالَاتُهُمْ (٢) .

قَالَ الشَّافِعِيُّ: تَزَوَّجَ الزُّبَيْرُ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَهِيَ أُخْتُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يَقُلْ هِيَ خَالَةُ الْمُؤْمِنِينَ (٣) .

وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُنَّ هَلْ كُنَّ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ؟ قِيلَ: كُنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَمِيعًا.

وَقِيلَ كُنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ دُونَ النِّسَاءِ، رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالَتْ يَا أُمَّهْ! فَقَالَتْ لَسْتُ لَكِ بِأُمٍّ إِنَّمَا أَنَا أَمُّ رِجَالِكُمْ (٤) فَبَانَ بِهَذَا مَعْنَى هَذِهِ الْأُمُومَةِ تَحْرِيمُ نِكَاحِهِنَّ.

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} يَعْنِي: فِي الْمِيرَاثِ، قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَوَارَثُونَ بِالْهِجْرَةِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ النَّاسِ، فَكَانَ يُؤَاخِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَرِثَهُ الْآخَرُ دُونَ عَصَبَتِهِ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (٥) ٧٦/أفِي حُكْمِ اللَّهِ، {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الَّذِينَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ


(١) أخرجه البخاري في الاستقراض، باب: الصلاة على من ترك دَينًا ٥ / ٦١، ومسلم في الفرائض، باب: من ترك مالا فلورثته برقم: (١٦١٩) ٣ / ١٢٣٨ بمعناه، والمصنف في شرح السنة: ٨ / ٣٢٤.
(٢) انظر القرطبي: ١٤ / ١٢٣.
(٣) انظر القرطبي: ١٤ / ١٢٣.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور: ٦ / ٥٦٧ لابن سعد وابن المنذر والبيهقي في سننه، وانظر الكافي الشاف ص ١٣٢.
(٥) انظر: ابن كثير في التفسير: ٣ / ٤٦٩، القرطبي: ١٤ / ١٢٣-١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>