للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا آدَمُ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ" (١) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَلَمْ تُقَاتِلِ الْمَلَائِكَةُ يَوْمَئِذٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ رِيحًا بَارِدَةً فَقَلَعَتِ الْأَوْتَادَ، وَقَطَعَتْ أَطْنَابَ الْفَسَاطِيطِ، وَأَطْفَأَتِ النِّيرَانَ، وَأَكْفَأَتِ الْقُدُورَ، وَجَالَتِ الْخَيْلُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، وَكَثُرَ تَكْبِيرُ الْمَلَائِكَةِ فِي جَوَانِبَ عَسْكَرِهِمْ حَتَّى كَانَ سَيِّدُ كُلِّ حَيٍّ يَقُولُ: يَا بَنِي فُلَانٍ هَلُمَّ إِلَيَّ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ قَالَ: النَّجَاءَ النَّجَاءَ، لِمَا بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الرُّعْبِ فَانْهَزَمُوا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ.

{وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَنْ الزُّهْرِيِّ، وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَعَنْ غَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَائِنَا، دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ: أَنَّ نَفَرًا مِنَ الْيَهُودِ، مِنْهُمْ سَلَامُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَكِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَهَوْدَةُ بْنُ قَيْسٍ وَأَبِي عَمَّارٍ الْوَائِلِيُّ، فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ وَنَفَرٍ مِنْ بَنِي وَائِلٍ، وَهُمُ الَّذِينَ حَزَّبُوا الْأَحْزَابَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجُوا حَتَّى قَدِمُوا عَلَى قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ فَدَعَوْهُمْ إِلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: إِنَّا سَنَكُونُ مَعَكُمْ عَلَيْهِ حَتَّى نَسْتَأْصِلَهُ، فَقَالَتْ لَهُمْ قُرَيْشٌ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ إِنَّكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ وَالْعِلْمِ بِمَا أَصْبَحْنَا نَخْتَلِفُ فِيهِ نَحْنُ وَمُحَمَّدٌ، فَدِينُنَا خَيْرٌ أَمْ دِينُهُ؟ قَالُوا: بَلْ دِينُكُمْ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِ، وَأَنْتُمْ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْهُمْ، قَالَ: فَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ"، إِلَى قَوْلِهِ: "وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا" (النِّسَاءِ ٥١-٥٥) .

فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ لِقُرَيْشٍ سَرَّهُمْ مَا قَالُوا وَنَشِطُوا لِمَا دَعَوْهُمْ إِلَيْهِ مِنْ حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ، فَأَجْمَعُوا لِذَلِكَ، ثُمَّ خَرَجَ أُولَئِكَ النَّفَرُ مِنَ الْيَهُودِ حَتَّى جَاءُوا غَطَفَانَ مِنْ قَيْسِ غَيْلَانَ، فَدَعَوْهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ سَيَكُونُونَ مَعَهُمْ عَلَيْهِ، وَأَنَّ قُرَيْشًا قَدْ بَايَعُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَأَجَابُوهُمْ.

فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ، وَقَائِدُهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَخَرَجَتْ غَطَفَانُ، وَقَائِدُهَا عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ فِي فَزَارَةَ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَوْفِ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ الْمُرِّيُّ فِي بَنِي مُرَّةَ، وَمَسْعُودُ بْنُ


(١) أخرجه البخاري في الاستسقاء، باب: قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نصرت بالصبا) ٢ / ٥٢، ومسلم في الاستسقاء، باب: في ريح الصبا والدبور، برقم (٩٠٠) ٢ / ٦١٧، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٣٨٧.
والصَّبَا: ريح، ومهبها المستوي أن تهب من مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار.
والدَّبَور: الريح التي تقابل الصبا، وقال النووي: هي الريح الغربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>