للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالنَّهَارِ، وَالْعَرَبُ تُضِيفُ الْفِعْلَ إِلَى اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ عَلَى تَوَسُّعِ الْكَلَامِ؟ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: وَنِمْتُ وَمَا لَيْلُ الْمَطِيِّ بِنَائِمٍ (١)

وَقِيلَ: مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ هُوَ طُولُ السَّلَامَةِ وَطُولُ الْأَمَلِ فِيهِمَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ" (الْحَدِيدِ-١٦) .

{إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا} أَظْهَرُوا {النَّدَامَةَ} وَقِيلَ: أَخْفَوْا، وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ، {لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا} فِي النَّارِ الْأَتْبَاعِ وَالْمَتْبُوعِينَ جَمِيعًا. {هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي فِي الدُّنْيَا.

{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٣٤) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٦) }

{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا} رُؤَسَاؤُهَا وَأَغْنِيَاؤُهَا، {إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} {وَقَالُوا} يَعْنِي: قَالَ الْمُتْرَفُونَ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا: {نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا} وَلَوْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ رَاضِيًا بِمَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ وَالْعَمَلِ لَمْ يُخَوِّلْنَا الْأَمْوَالَ وَالْأَوْلَادَ، {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} أَيْ: إِنَّ اللَّهَ أَحْسَنَ إِلَيْنَا فِي الدُّنْيَا بِالْمَالِ وَالْوَلَدِ فَلَا يُعَذِّبُنَا. {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} يَعْنِي: أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ وَيَقْدِرُ ابْتِلَاءً وَامْتِحَانًا


(١) هذا عجز بيت لجرير بن عطية الخطفي، الشاعر الإسلامي، وصدره:
لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى ونمت
وهو من شواهد الطبري أيضا (٢٢ / ٩٨) ، استشهد به على أنك تقول: يا فلان نهارك صائم، وليلك قائم، فتسند الصيام والقيام إلى الليل والنهار، إسنادا مجازيا عقليا، والأصل فيه أن يسند الصيام والقيام للرجل لا للزمان، ذلك من باب التوسع المجازي، فالعلاقة هنا الزمانية ... (من تعليق المحقق على الطبري) . قال الفراء في معاني القرآن: (٢ / ٣٦٣) : "المكر ليس الليل ولا للنهار إنما المعنى: بل مكركم بالليل والنهار. وقد يجوز أن نضيف الفعل إلى الليل والنهار، ويكونا كالفاعلين، لأن العرب تقول: نهارك صائم وليلك قائم ثم تضيف الفعل إلى الليل والنهار، وهو في المعنى للآدميين، كما تقول العرب: نام ليلك، وعزم الأمر، إنما عزمه القوم. فهذا مما يعرف معناه، فتتسع به العرب".

<<  <  ج: ص:  >  >>