للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (٤٢) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٤٣) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٤٤) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦) }

{تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ} فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنْ كَفَرَ، الغفار لذنوب ١١٠/ب أَهْلِ التَّوْحِيدِ.

{لَا جَرَمَ} حَقًّا، {أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} أَيْ: إِلَى الْوَثَنِ، {لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ} قَالَ الْسُّدِّيُّ: لَا يَسْتَجِيبُ لِأَحَدٍ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، يَعْنِي لَيْسَتْ لَهُ اسْتِجَابَةُ دَعْوَةٍ. وَقِيلَ: لَيْسَتْ لَهُ دَعْوَةٌ إِلَى عِبَادَتِهِ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّ الْأَوْثَانَ لَا تَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ، وَلَا تَدْعُو إِلَى عِبَادَتِهَا، وَفِي الْآخِرَةِ تَتَبَرَّأُ مِنْ عَابِدِيهَا. {وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ} مَرْجِعُنَا إِلَى اللَّهِ فَيُجَازِي كُلًّا بِمَا يَسْتَحِقُّ، {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ} الْمُشْرِكِينَ، {هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} .

{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ} إِذَا عَايَنْتُمُ الْعَذَابَ حِينَ لَا يَنْفَعُكُمُ الذِّكْرُ، {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} وَذَلِكَ أَنَّهُمْ تَوَعَّدُوهُ لِمُخَالَفَتِهِ دِينَهُمْ، {إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} يَعْلَمُ الْمُحِقَّ مِنَ الْمُبْطِلِ، ثُمَّ خَرَجَ الْمُؤْمِنُ مِنْ بَيْنِهِمْ، فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ.

وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} [مَا أَرَادُوا بِهِ مِنَ الشَّرِّ] (١) قَالَ قَتَادَةُ: نَجَا مَعَ مُوسَى وَكَانَ قِبْطِيًّا، {وَحَاقَ} نَزَلَ، {بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} الْغَرَقُ فِي الدُّنْيَا، وَالنَّارُ فِي الْآخِرَةِ.

وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {النَّارُ} هِيَ رَفْعٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ السُّوءِ، {يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} صَبَاحًا وَمَسَاءً، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَرْوَاحُ آلِ فِرْعَوْنَ فِي أَجْوَافِ طُيُورٍ سُودٍ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّارِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، تَغْدُو وَتَرُوحُ إِلَى النَّارِ، وَيُقَالُ: يَا آلَ فِرْعَوْنَ هَذِهِ مَنَازِلُكُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ (٢) .


(١) ما بين القوسين زيادة من "ب".
(٢) انظر: البحر المحيط: ٧ / ٤٦٨، والقرطبي: ١٥ / ٣١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>