للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (٢٦) وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧) }

{وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا} ١١٦/أ [أَيْ: وَيُجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا] (١) ، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} إِذَا دَعَوْهُ، وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَيُثِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا. {وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} سِوَى ثَوَابِ أَعْمَالِهِمْ تَفَضُّلًا مِنْهُ. قَالَ أَبُو صَالِحٍ عَنْهُ: يُشَفِّعُهُمْ فِي إِخْوَانِهِمْ، وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ. قَالَ: فِي إِخْوَانِ إِخْوَانِهِمْ.

{وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} .

{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ} قَالَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ: فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَذَلِكَ أَنَّا نَظَرْنَا إِلَى أَمْوَالِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَبَنِي النَّضِيرِ وَبَنِي قَيْنُقَاعَ فَتَمَنَّيْنَاهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ (٢) "وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ" وَسَّعَ اللَّهُ الرِّزْقَ {لِعِبَادِهِ} {لَبَغَوْا} لَطَغَوْا وَعَتَوْا، {فِي الْأَرْضِ} .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَغْيُهُمْ طَلَبُهُمْ مَنْزِلَةً بَعْدَ مَنْزِلَةٍ وَمَرْكَبًا بَعْدَ مَرْكَبٍ وَمَلْبَسًا بَعْدَ مَلْبَسٍ. {وَلَكِنْ يُنَزِّلُ} أَرْزَاقَهُمْ {بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ} كَمَا يَشَاءُ نَظَرًا مِنْهُ لِعِبَادِهِ، {إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} .

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَفِيدُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الْكِنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جِبْرِيلَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ، وَإِنِّي لَأَغْضَبُ لِأَوْلِيَائِي كَمَا يَغْضَبُ اللَّيْثُ الْحَرْدُ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي الْمُؤْمِنُ بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي الْمُؤْمِنُ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا وَلِسَانًا وَيَدًا وَمُؤَيِّدًا، إِنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ، وَإِنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي فِي قَبْضِ رُوحِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ، وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ يَسْأَلُنِي الْبَابَ مِنَ الْعِبَادَةِ فَأَكُفُّهُ عَنْهُ أَنْ لَا يَدْخُلَهُ عَجَبٌ فَيُفْسِدُهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لَا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلَّا الْغِنَى وَلَوْ أَفْقَرْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لَا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلَّا الْفَقْرُ وَلَوْ أَغْنَيْتُهُ لِأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لَا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلَّا الصِّحَّةُ


(١) زيادة من "ب".
(٢) ذكره الواحدي في أسباب النزول ص ٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>