للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) }

{يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا} قَالَ مُقَاتِلٌ: مِنَ الْقُرْآنِ، {شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} وَذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ رَدًّا إِلَى "كُلِّ" فِي قَوْلِهِ: "لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ".

{مِنْ وَرَائِهِمْ} أَمَامَهُمْ، {جَهَنَّمُ} يَعْنِي أَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا [مُمَتَّعُونَ بِأَمْوَالِهِمْ] (١) وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ النَّارُ يَدْخُلُونَهَا، {وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا} مِنَ الْأَمْوَالِ، {شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ} وَلَا مَا عَبَدُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنَ الْآلِهَةِ، {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} .

{هَذَا} يَعْنِي هَذَا الْقُرْآنَ، {هُدًى} بَيَانٌ مِنَ الضَّلَالَةِ، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ} .

{اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} وَمَعْنَى تَسْخِيرِهَا أَنَّهُ خَلَقَهَا لِمَنَافِعِنَا. فَهُوَ مُسَخَّرٌ لَنَا مِنْ حَيْثُ إِنَّا نَنْتَفِعُ بِهِ، {جَمِيعًا مِنْهُ} فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "جَمِيعًا مِنْهُ"، كُلُّ ذَلِكَ رَحْمَةً مِنْهُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ ذَلِكَ تَفَضُّلٌ مِنْهُ وَإِحْسَانٌ. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} .

{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} أَيْ لَا يَخَافُونَ وَقَائِعَ اللَّهِ وَلَا يُبَالُونَ نِقْمَتَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ شَتْمَهُ بِمَكَّةَ فَهَمَّ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ-أَنْ يَبْطِشَ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ،


(١) ما بين القوسين غير موجود في النسختين لكن المعنى يقتضيه وهو في المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>