للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خَمْرِهِمْ، وَنَهْرُ سَيْحَانَ نَهْرُ عَسَلِهِمْ، وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ الْأَرْبَعَةُ تَخْرُجُ مِنْ نَهْرِ الْكَوْثَرِ. (١)

{وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ} أَيْ مَنْ كَانَ فِي هَذَا النَّعِيمِ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ، {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا} شَدِيدَ الْحَرِّ تُسَعَّرُ عَلَيْهِمْ جَهَنَّمُ مُنْذُ خُلِقَتْ إِذَا أُدْنِيَ مِنْهُمْ شَوَى وُجُوهَهُمْ ووقعت فروة رؤوسهم فَإِذَا شَرِبُوهُ، {فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} فَخَرَجَتْ مِنْ أَدْبَارِهِمْ، وَالْأَمْعَاءُ جَمِيعُ مَا فِي الْبَطْنِ مِنَ الْحَوَايَا وَاحِدُهَا مِعًى.

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (١٦) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (١٧) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (١٨) }

{وَمِنْهُمْ} يَعْنِي مِنْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ، {مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} وَهْمُ الْمُنَافِقُونَ، يَسْتَمِعُونَ قَوْلَكَ فَلَا يَعُونَهُ وَلَا يَفْهَمُونَهُ، تَهَاوُنًا بِهِ وَتَغَافُلًا {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ} يَعْنِي فَإِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ، {قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} مِنَ الصَّحَابَةِ: {مَاذَا قَالَ} مُحَمَّدٌ، {آنِفًا} ؟ يَعْنِي الْآنَ، هُوَ مِنَ الِائْتِنَافِ وَيُقَالُ: ائْتَنَفْتُ الْأَمْرَ أَيِ ابْتَدَأْتُهُ وَأُنْفُ الشَّيْءِ أَوَّلُهُ.

قَالَ مُقَاتِلٌ: وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ وَيَعِيبُ الْمُنَافِقِينَ، فَإِذَا خَرَجُوا مِنَ الْمَسْجِدِ سَأَلُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ اسْتِهْزَاءً: مَاذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَقَدْ سُئِلَتْ فِيمَنْ سُئِلَ. (٢)

{أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} فِلْمْ يُؤْمِنُوا، {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} فِي الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ.

{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا} يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ، {زَادَهُمْ} مَا قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} وَفَّقَهُمْ لِلْعَمَلِ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ، وَهُوَ التَّقْوَى، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَآتَاهُمْ ثَوَابَ تَقْوَاهُمْ. {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً}


(١) انظر: القرطبي: ١٦ / ٢٣٧.
(٢) انظر: القرطبي: ١٦ / ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>